Page 26 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 56 - كانون الثاني / يناير 2022
P. 26
26 العدد - 56كانون الثاني /يناير 2022
zajel@dohainstitute.edu.qa
أقلام
استراتيجية القيادة القطرية في تحقيق النجاح الجيوسياسي
عائشة الرميحي ينســب إلى نابليــون بونابــارت مقولــة ( إن معرفــة جغرافيــا
الدولـة تعنـي معرفـة سياسـتها الخارجيـة ) ،ومـن هنـا يتبـن
•الماجستير التنفيذي في الإدارة العامة أن المحـدد الأسـاسي لسـلوك الدولـة هـو الجغرافيـا ومـدى
تأثيرهـا عـى سياسـتها الخارجيـة ،إذ إنـه مـن منظـور نظريـات
الكسـب والخسـارة ،كـا ترتكـز تلـك النظريـة عـى أن الدولـة البنيــة التــي ترتكــز عــى أن الدولــة رهينــة للبيئــة التــي
تعيــش في نظــام خارجــي مــيء بالفــوضى مــا يجعلهــا تعيـش فيهـا ،فـا هـي الاسـراتيجية التـي اتبعتهـا النخبـة
في صراع مسـتمر مـن أجـل الحفـاظ عـى بقائهـا ،الأمـر الـذي الحاكمــة القطريــة خــال العقديــن الأخيريــن للتعامــل مــع
التحديـات البنيويـة ،والتـي تسـعى مـن خلالهـا إلى تحقيـق
يجـر الدولـة عـى الاسـتزادة مـن مصـادر القـوة. أعــى درجــة مــن الاســتقلالية في سياســتها الخارجيــة في
امــا أنصــار المدرســة الليبراليــة فقــد رأوا أن الإنســان يعيــش ظــل بيئــة إقليميــة مضطربــة وقــوى كــرى لا تســمح لهــا
في إطــار شــبكات اجتماعيــة تســاعده في تحقيــق مطالبــه
فهــو يعجــز عــن تحقيــق مطالبــه وحــده ،وبالتــالي يتوجــب بحركــة كبــرة؟
عـى تلـك الـدول إقامـة التعـاون مـع الفاعلـن ،كـا طرحـت بدايــة تعــد دراســة السياســة الخارجيــة مــن أحــدث فــروع
المدرســة مفاهيــم جديــدة ترتبــط بالأبعــاد غــر الماديــة العلـوم السياسـية التـي ظهـرت بعـد الحـرب العالميـة الثانية،
للقــوة ،وهــي القــوة الناعمــة والقــوة الإلكترونيــة التــي ولقــد ظهــرت العديــد مــن التعريفــات للسياســة الخارجيــة،
فلقـد ع ّرفهـا بعـ ُض الباحثـن ،بأنهـا العمليـة التـي تحـدد بهـا
تــؤدي الى زيــادة فعاليــة الــدول الصغــرة. الــدول أهدافهــا في النظــام الــدولي ،وذلــك بالانخــراط في
وفي تسـعينيات القـرن العشريـن ظهـرت المدرسـة البنائيـة، المـرح الـدولي سـع ًيا وراء مصالحهـا الوطنيـة ،كـا نلاحـظ
إذ يعــد العــالم Nicholas onufأول مــن اســتخدم مصطلــح فـإن مفاهيـم السياسـة الخارجيـة تتنـ ّوع بحيـث تتضمـن أبعـا ًدا
البنائيـة في حقـل العلاقـات الدوليـة ،وقـد اشـتق اسـمها من عسـكرية واقتصاديـة وسياسـية واجتماعيـة ،كـا تقـوم على
رؤيتهـا بـأن المعنـى يتـم بنـاؤه اجتماعيًـا ،بالتـالي يتعاملـون مجموعــة مــن العنــاصر المتداخلــة والتــي تتأثــر بالتغيــرات
معهــا طب ًقــا لأفكارهــم المشــركة عنهــا ،وبذلــك فهــي الداخليــة والإقليميــة والدوليــة وبالتــالي تحتــاج مــن الــدول
تخالــف النظريــة التقليديــة والليبراليــة ،فالبنائيــة تقــدم
تفســ ًرا للســلوك الخارجــي للدولــة الصغــرة اعتــا ًدا عــى انتهـاج آليـات لاتخـاذ التـرف المناسـب للتعامـل معهـا.
تناولــت العديــد مــن الأدبيــات والدراســات الســابقة قضيــة
أفــكار النخــب الحاكمــة وأيديولوجيــة الحــزب الحاكــم. وتعريــف الدولــة الصغــرة ،وقــد لوحــظ اختــاف هــؤلاء
إن حجـم الدولـة أمـ ٌر نسـب ّي ،إذ إنـه ليـس معيـا ًرا للقـوة ،ثـم الباحثـن حـول السياسـات الخارجيـة لتلـك الـدول فتـارة يتـم
إننـا نـرى العديـد مـن الدول تسـتخدم صغـر حجمهـا في صالح تحويلهــا للقــوى العســكرية وتــارة لمــا تملكــه مــن مــوارد،
سياســتها الدوليــة ،بــل وتعتــر أكــر قــدرة عــى المنافســة وتــارة أخــرى لتأثيرهــا وفاعليتهــا عــى التنظيــم الــدولي،
في العـالم ومثـال ذلـك سـويسرا وسـنغافورة ،حيـ ُث تحتـان لذلـك نـرى الـدول الصغـرة دائمًـا مـا تشـعر بأنهـا في حالـة
المرتبــة الأولى والثانيــة في مــؤشر التنافســية العالميــة مــن التهديــد المســتمر مــن قبــل الــدول الكــرى المجــاورة،
الأمـر الـذي يجعـل مـن تلـك الـدول تسـعى لتعظيـم قدراتهـا
للمنتـدى الاقتصـادي العالمـي للعـام 2015/1016م. مـن خـال تبنـي سياسـات خارجيـة تع ّوضهـا عـن سـياق بنيتهـا
وفي اســتعراض لحالــة دولــة قطــر ،وعــى الرغــم مــن
الواقـع الجيوسـياسي الـذي فُـرض عليهـا ،فقـد اسـتطاعت الجغرافيــة والســكانية.
أن تسـتفيد مـن التناقضـات الكـرى التـي تقـع بـن أقطابهـا، كــا نجــد تنو ًعــا في الآراء النظريــة حــول الأبعــاد لتحليــل
فالتــزاوج مــا بــن المــوارد الماديــة مــع الرؤيــة الطموحــة السياســة الخارجيــة للــدول الصغــرى ،فنجــد المدرســة
للقيــادة الحاكمــة ســاهم في التغلُّــب عــى نقــاط الضعــف الواقعيـة التقليديـة التـي انطلقـت مـن عـدة افتراضـات منهـا
أن الدولـة هـي الفاعـل الرئيـي في السياسـة الدوليـة ،إذ
المتمثلــة في بنيتهــا . إنهـا تتسـم بالرشـاد والعقلانيـة وتتخـذ قراراتهـا على أسـاس
نسـتعرض بعـض الحقائـق حـول واقـع دولـة قطـر البنيـوي،
إذ تشــر الإحصائيــات لشــهر ســبتمبر ســنة ٢٠٢١م بأنــه بلــغ