Page 30 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 56 - كانون الثاني / يناير 2022
P. 30
30 العدد - 56كانون الثاني /يناير 2022
zajel@dohainstitute.edu.qa
أقلام
جيل الحالات
أنوار العرفي جيــ ٌل اســتيقظ عــ َى تطــ ُّورا ٍت أ َّدت إلى تطــ ّور
المشــاعر البشريــة معهــا ،بــدأ حينهــا التعلــم
•برنامج ماجستير الصحافة والممارسـة والتجربـة كأ ِّي جيـ ٍل ينشـأ ويكـر بزمنـه،
تع َّرضـت لغـد ٍر أو إسـاءة ،أو حتَّـى لم يعجبـك تـرف إ ّل أن زماننــا الحــالي عجيــب يــا صديقــي!
بســيط بنظــري كبــر بنظــرك ،لكنــ ُت صارحتــك حينهــا إذ إننــا دخلنــا في تفاصيــ ٍل أعمــق مــن كوننــا نعيــش
أنَّـك أخطـأت في جانـ ٍب معـن ،وكنـت أعلِّ ُمـك التعامل
معــي لا أكــر ،فأنــا لا أريــد أن أخــ َر خليــ ًا بحجــم في زمـن التكنولوجيـا والفضـاء الافـراضي المفتـوح،
قربـك منـي لمجـرد "حالـة واتـس أب" تقصـدني بهـا.
فالواقــع قصتــي معــك يــا صديقــي هــي بســيطة فنحـن نعيـش داخـل هـذا الفضـاء بمشـاعر افتراضيـة
مقارنـ ًة بــ "صراع الحـالات" الـذي نشـاهده يوميًّـا ع َل
مواقــع التواصــل الاجتماعــي ،فتعــال ننظــر ســويًّا كذلــك ،فهــي إلى حــ ٍّد مــا مبالــغ بهــا جــ ًّدا ،فيتــ ّم
كيــف أن "البلــوك" بعــد "الحــالات الافتراضيــة" قتــل التعبـر عنهـا بأسـاليب قللـت مـن قيمتهـا البشريـة
العديـد مـن العلاقـات القويـة يو ًمـا ،أ َل تـ َرى أن هـذا
العظيمــة.
انحطاطًــا للمشــاعر الإنســانية ! نعــم! فمشــاعرنا التــي تَغ َّنــى بهــا كبــار الأدبــاء
أتُـوه بفكـري يـا خليلي عنـد رؤيتـي "الحـالات" وحديث والعلــاء ،ور َّســامو الكلــات والأوصــاف ،وأفْنــوا
أصدقــائي وزمــائي ومعــارفي عنهــا كل الوقــت، حياتهــم في هــذا الأدب البــري ال َّســامي ،رغــم
فهـذا يراقـب وهـذا يكتـب وهـذا يعلـق وهـذا يمتنـ ُع ك ِّل هــذا إلا أننــا بمــرور العقــود نــرى انحطاطًــا في
التعليـق كنـوع مـن الإهـال المتعمـد ،والـر ِّد بغـر ر ّد.
إ َّن تسـليم النفـس لعـال ٍم مـوا ٍز كهـذا ،يخسرنـا عالمنـا احــرام الشــخص لنفســه ومشــاعره ومشــاعر مــن
الحقيقــي ،يجعلنــا ننســلخ مــن حقيقــة مشــاعرنا
الدافئـة إلى مجـ ّرد كلـا ٍت رقميـة باهتـة ،إننـا بهـذا حولــه؛ باســتخدام أســاليب افتراضيــة؛ قطعــ ْت وصــل
نفقــد معنــى العلاقــات الأصــ ّي ،وهــو التعــاون ،أن الإخــوان والخــان بطريقــة ســخيفة.
يكــون الشــخص معــي في أزمــاتي وحــن أحتاجــه
ويقــف إلى جانبــي ويدعمنــي بوجــوده ،إلا أننــا بدأنــا يــا صديقــي نعتــاد عــ َى مصطلحــات
نواجــه مشــكلة في فهــم هــذا أمــام لــ ّذة انتصارنــا
لنفســنا بخســارة صديــق مــن خــال اقتبــاس ســخيف اعتيادية(روتينيــة) "كالحالــة" و"البوســت" و"بلــوك"
يوضــع عــى "الحالــة" دون مراعــا ٍة لعتــاب أو ســوء
و"الرسـومات التعبيريـة الجاهـزة" المرافقـة لقائمـة
فهــم.
نحتــاج ح ًّقــا لإعــادة التدريــب ،أو التعريــف بقيمتنــا الحــروف في جهازنــا الــذكيِّ ،فمــن خلالهــا يتــم
الإنسـانية قبـل فـوات الأوان ،قبـل أن تنـال م َّنـا مواقـع
التواصـل الاجتماعـي ،قبـل أن نفقـد أهـم مـا يمي ُزنـا التَّواصــل والتعامــل وإظهــار المشــاعر ،أو إخفاؤهــا
عـن غيرنـا مـن المخلوقـات ،وهـي المشـاعر والفكـر برمــو ٍز مــا ،وبعدهــا نتســاءل أ َل نجــد هــذا مــا يقلــل
المشــركَ ْي بذاتنــا ،فيكفينــا مــا خسرنــاه مــن أجــل
مجـرد تفاصيـل لم تكـن يو ًمـا تعـر عـا نحتـاج قولـه مــن قيمــة علاقتنــا يــا صديقــي؟
بــكل صــدق وتفصيــل ومعــاني. أقــول برأيــي :إ َّن التَّواصــل المبــاشر هــو مقــ َّدس
بـن البشريـة ،فلُغـة العيـون كانـت ومـا زالـت أقـ َوى
مــن الحــروف المكتوبــة ،أو ال ُّرســومات الجاهــزة،
فــا داعــي يــا صديقــي عندمــا تــرى م ِّنــي زلــ ًة؛ أن
تقـوم بنـر "بوسـت" عـى حسـابك الشـخصي عـ َى
مواقـع التواصـل الاجتماعـي" ،الفيـس بـوك" أو حتَّـى
"سـناب شـات" فأنـ َت بذلـك تشـ ِّهر بزلَّتـي التـي ربمـا
كانــت عفويــة لا أقصــد بهــا الإســاءة ،حتــى وإن لم
تذكــر اســمي ،فاللعــب بالكلــات تعلَّ ْمنــاه ســويًّا يــا
رفيــق.
أتعلــم أنَّــك لــو قمــ َت بالحديــث معــي قبــل أن تضــع
"حالتــك" عــ َى موقــع "واتــس أب" ،لِظ ِّنــ َك أنَّــك