Page 21 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 51 آب / أغسطس 2021

‫‪21‬‬ ‫العدد ‪ - 51‬آب ‪ /‬أغسطس ‪2021‬‬
‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬

‫أمــا الجــواب الثــاني فقــد كان مــن دعــاة الإصلاحيــة الإســامية‪،‬‬ ‫الغربيــة بالحــرف‪ ،‬ودعــوا إلى قطيعــة شــبه كاملــة مــع المــاضي‬
‫المتمثــل في المفكريــن الإســاميين الكبــار الذيــن انفتحــوا عــى‬ ‫الإسـامي‪ ،‬الـذي أثقـل كاهـل الأمـة العربيـة الإسـامية‪ .‬بمـا عاشـته‬
‫الغـرب‪ ،‬وتشربـوا فكـره وثقافتـه‪ ،‬فقـد حـاول هـؤلاء القيـام بدارسـة‬ ‫مـن اسـتبداد وقمـع للحريـات‪ ،‬ومحاربـة للفكـر العقـاني‪ ،‬وتشـجيع‬
‫دقيقـة للـرق العـربي الإسـامي لتشـخيص المـرض‪ ،‬ووضـع الأصبـع‬
‫عــى مكمــن الخلــل‪ ،‬مســتحضرين أنموذجــن مختلفــن وجاهزيــن‪،‬‬ ‫للانحطـاط‪ ،‬وغلـق لبـاب التطـور والتقـدم‪.‬‬
‫يمثــل الأول المرجعيــة الغربيــة والثــاني التجربــة الإســامية‬ ‫وفي هــذا الصــدد نجــد مجموعــة مــن النخــب التــي تأثــرت بالفكــر‬
‫التاريخيــة‪ ،‬حيــث قدموهــا بنظــرة اســتقصائية توفيقيــة مــن أجــل‬ ‫الغــربي‪ ،‬عندمــا انفتحــت عــى قــراءة فكــر الأنــوار بشــغف‪ ،‬أمثــال‬
‫وضــع أنمــوذج ذي طابــع جديــد يحمــل مشرو ًعــا إصلاحيًــا للواقــع‬ ‫شــبل الشــميل (‪1850‬ـــ ‪1917‬م‪ ).‬وفــرح أنطــوان ولطفــي الســيد‪..‬‬
‫الإسـامي‪ .‬وضمـن عمليـة التوليـف والاسـتيعاب جـاءت الأجوبـة مـن‬ ‫وغيرهـم مـن الباحثـن الذيـن كانـوا متمكنـن مـن اللغـات الأجنبيـة‪.‬‬
‫قبـل هـؤلاء المفكريـن الإصلاحيـن العـرب الذيـن يحملـون مشرو ًعـا‬ ‫فهـؤلاء لهـم نفـس الطـرح وأكـدوا كلهـم أن اللبراليـة هـي الحـل‬
‫نهضويًـا ملتص ًقـا بالمـاضي‪ .‬ويمكـن تقسـيم تصورهـم ومخططهـم‬ ‫الأنسـب والمثـالي لخلـق الديموقراطيـة والتحديـث مـن أجـل إصـاح‬
‫الإصلاحــي مــن أجــل النهــوض بالعــرب‪ ،‬وبقيــة الشــعوب الإســامية‬ ‫وضــع الــدول الإســامية‪ .‬عــى النهــج والمنــوال الحــرفي للتجربــة‬
‫عمومــا إلى ثلاثــة مداخــل أساســية شــملت كل مواقــف رجــالات‬ ‫التــي خاضهــا الغــرب‪ .‬وأكــر مــن هــذا‪ ،‬هنــاك مــن دعــا إلى إدخــال‬
‫الاسـتعمار الأجنبـي كحـل منقـذ مـن الجـور الفـردي للحاكـم‪ ،‬وهـي‬
‫الإصــاح‪.‬‬ ‫أسـاس مـن الأسـس وركيـزة مه ّمـة في بنـاء نظـام ديموقراطـي‬
‫مدخـل الثـورة مـن خـال إقنـاع الحاكـم بـرورة الإصـاح‪ ،‬وهـذا التيـار‬ ‫جديـد‪ .‬وقـد اسـتمر هـذا الجـواب في المنهـج والعقليـة السياسـية‬
‫يمثلــه جــال الديــن الأفغــاني‪ ،‬الــذي كــ ّرس حياتــه لهــذا الغــرض‬ ‫العربيــة منــذ أن ســيطرت الإمبرياليــة في الــرق العــربي‬
‫ودافـع عنـه‪ ،‬بـكل مـا أوتي مـن قـوة‪ ،‬وذلـك بنـره لمقـالات وكتـب‬
‫تصـب في نفـس الاتجـاه‪ .‬أمـا المدخـل الثـاني فهـو إقامـة الدولـة‬ ‫والإســامي وطرحتــه بصفتــه حــ ًا للمعضلــة العربيــة‪.‬‬
‫الدســتورية المركزيــة عــى مبــدأ الشــورى‪ ،‬حيــث دافعــت هــذه‬ ‫لكـن سرعـان مـا تحـول هـذا الأمـل إلى سراب ليقـع نـوع مـن خيبـة‬
‫الجمهــرة مــن المصلحــن عــى مبــدأ الحريــة الشــخصية‪ ،‬وعــى‬ ‫الأمـل لـدى الـدول العربيـة الإسـامية‪ ،‬عندمـا لم تسـاعدها الـدول‬
‫الوحـدة والتضامـن البعيديـن عن كل الانتـاءات والقوميـات المحلية‪.‬‬ ‫الغربيـة عـى تحقيـق هـذا الأمـل‪ ،‬وخاصـة بعـد الحربـن العالميتـن‬
‫كـا أدرجـوا كذلـك قضيـة الديموقراطيـة البرلمانيـة المتمثلـة في‬ ‫حيــث شــ ّنت دول الغــرب حروبًــا عدائيــة ضــد الشــعوب العربيــة؛‬
‫العـدل والحريـة والمسـاواة ومحاربـة الفسـاد‪ ،‬وكل أنـواع الاسـتبداد‪.‬‬ ‫وكذلـك عندمـا قامـت دولـة إسرائيـل فـكان هـذا الأمـر اعتـداء عـى‬
‫الكينونــة الحضاريــة الإســامية‪ .‬ورغــم ذلــك لا زال انجــذاب وعــودة‬
‫وهـذا التيـار مثلـه ودافـع عنـه الكواكبـي وحسـن نائينـي‪.‬‬ ‫العقـول العربيـة إلى الفكـر الليـرالي كمرجعيـة حضاريـة‪ ،‬وأنمـوذج‬
‫أمــا المدخــل الثالــث فهــو مهتــم بالتعليــم والتثقيــف وبنــاء‬
‫المؤسســات الاجتماعيــة‪ .‬حيــث ركــز هــذا المدخــل بالأســاس عــى‬ ‫يجــب اســتيراده وتطبيقــه في الزمــن المعــاصر‪.‬‬
‫بنــاء وتكويــن جوهــر الإنســان وخدمتــه عضويًــا‪ ،‬وتطويــر الفكــر‬
‫النقــدي عنــده‪ .‬وتز ّعــم هــذا التيــار كل مــن الطهطــاوي وقاســم‬

‫أمــن‪.‬‬