Page 18 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 51 آب / أغسطس 2021
P. 18

‫‪18‬‬                                                                             ‫العدد ‪ - 51‬آب ‪ /‬أغسطس ‪2021‬‬
                                                                           ‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬
               ‫أقلام‬

‫الضرورة الراهنية للفلسفة الاجتماعية في السياق العربي‬

                                        ‫لبنى بن البو عزاوي‬                 ‫هــل للفلســفة الاجتماعيــة راهنيــة في الســياق‬
                                                                           ‫العــربي؟ لنطــرح الســؤال بصيغــة أخــرى‪ ،‬هــل‬
                                                 ‫	•برنامج ماجستير الفلسفة‬  ‫المجتمعــات العربيــة بحاجــة اليــوم إلى فلســفة‬

‫والروحيـة الخاصـة بالثقافـة الإنسـانية في كليتهـا‪.‬‬                                                                         ‫ا جتماعيــة؟‬
‫أمــا مهمتهــا فــا تنحــر في النقــد المجتمعــي‬                           ‫لا ريــب أن الجــواب يقتــي بالــرورة الإجابــة‬
‫وحسـب‪ ،‬بـل تتجـاوزه لتجنـح إلى نقـد الباثولوجيـات‬                          ‫أو ًل عــن ســؤال مــا الفلســفة الاجتماعيــة ومــا‬
‫الاجتماعيـة مـن خـال تشـخيص واقـع تلـك التحـولات‬                           ‫وظيفتهــا؟ وكجــواب عــن هــذا الاســتفهام‪ ،‬يمكــن‬
‫التـي يعرفهـا المجتمـع‪ .‬فهـي عـى هـذا النحـو‪،‬‬                              ‫القـول إن الفلسـفة الاجتماعيـة تعـد مبحثًـا فلسـف ًيا‬
‫تعمــل عــى نقــد الســائد وتشــخيص الواقــع عــى‬                          ‫عـى غـرار المباحـث الفلسـفية الأخـرى‪ ،‬مبحـث لـه‬
‫حــد تعبــر "ماكــس هوركهايمــر"‪ .‬ومــن هــذا‬                              ‫اســتقلاليته الذاتيــة وأسســه الإيبيســتيمولوجية‬
‫المنطلــق‪ ،‬يتضــح جل ًيــا أن المســعى الفلســفي‬                           ‫والفلســفية التــي تســتقي جذورهــا الأولى‬
‫الــذي يتجــه نحــوه الفيلســوف الاجتماعــي هــو‬                           ‫مــن مدرســة فرانكفــورت النقديــة‪ .‬فالفلســفة‬
                                                                           ‫الاجتماعيــة بالتعريــف عــى ســبيل مــا ورد عــن‬
                                   ‫"النقــد والتشــخيص"‪.‬‬                   ‫"جــون ديــوي" في كتابــه الموســوم بـــ "قــراءات‬
‫هكـذا إذن يمكـن القـول‪ ،‬إن الفلسـفة الاجتماعيـة‬                            ‫في الفلسـفة الاجتماعيـة والسياسـية" "هـي علـم‬
‫علــم تطبيقــي ذو وظيفــة مزدوجــة‪ :‬تشــخيصية‬                              ‫تطبيقـي‪ ،‬وليـس علـ ًا مح ًضـا‪ ،‬ونتيجـة لذلـك‪ ،‬فإنـه‬
‫كَ ْشــفية ‪-‬كنايــة عــن الكشــف الطبــي كــا يكشــف‬                       ‫لا يتوجـب عليهـا الاكتفـاء بوصـف ظواهـر التجربـة‪،‬‬
‫الطبيــب عــى المريــض‪ -‬ونقديــة تعنــى بنقــد‬                             ‫بـل يتوجـب عليهـا تحقيـق الأهـداف التـي يسـعى‬
‫السـائد أو الواقـع‪ ،‬أمـا موضوعهـا فهـو المجتمـع‬
                                                                                                                       ‫إليهــا البــر"‪.‬‬
                                          ‫كــا أنــف الذكــر‪.‬‬              ‫وبمــا أن المجتمــع اجتــاع بــري ذو بنيــة‬
‫لقـد أضحـى للفلسـفة الاجتماعيـة ضرورة راهنيـة‬                              ‫ذات خصائــص مميــزة –طبيعــة مميــزة للرابطــة‬
‫في ظــل التغــرات الاجتماعيــة التــي يمــر بهــا‬                          ‫الاجتماعيــة التــي تشــد أعضــاءه‪ -‬فإنــه بوصفــه‬
‫المجتمــع العــربي‪ ،‬بغيــة تشــخيص هــذا الواقــع‬                          ‫كذلــك يشــكل الموضــوع المركــزي للفلســفة‬
‫الاجتماعـي الـذي بـات ينتـج أمرا ًضـا اجتماعيـة تـكاد‬                      ‫الاجتماعيــة؛ حيــث تهتــم هــذه الأخــرة بمظاهــر‬
‫لا تنفــك عــن التناســل منــذ أواخــر القــرن التاســع‬                    ‫اجتماعيــة يســتحيل فهمهــا بمنــأى عــن الحيــاة‬
‫عــر‪ ،‬يتمظهــر ذلــك بشــكل بــ ّن عــى مســتوى‬                            ‫الاجتماعيــة للأفــراد وبمعــزل عــن المؤسســات‬
‫المؤسســات الاجتماعيــة وكــذا الأفــراد‪ .‬لكــن‪ ،‬متــى‬                     ‫والنــاذج الثقافيــة‪ ،‬وعــن المعطيــات الماديــة‬
   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23