Page 22 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 51 آب / أغسطس 2021
P. 22
22 العدد - 51آب /أغسطس 2021
zajel@dohainstitute.edu.qa
العفو مطلب شرعي وضرورة اجتماعية
حسين آدم حندله العفــو كــا يقــول ابــن منظــور هــو "التجــاوز عــن الذنــب
•برنامج ماجستير الإدارة العامة وتــرك العقــاب" ،وهــو شــيمة أخلاقيــة عاليــة في
ملمــوح الليثــي الــذي هــم بقتلــه في البيــت الحــرام، المجتمعــات ،ومنزلــة راقيــة يصلهــا قلــة مــن النــاس؛ لأن
وبهـذا أرسى قواعـد العفـو ونـره بـن أصحابـه رضـوان
اللـه عليهـم بأبهـى صـوره .يضـاف إلى ذلـك أن الرسـول النفـس البشريـة تميـل إلى الثـأر والانتقـام ممـن يعتـدي
صـى اللـه عليـه وسـلم لم يقتـل المنافقـن ،ولم ينتقـم
مــن أحــد منهــم رغــم معرفتــه لهــم ،درءا للمفســدة عليهــا أو يخطــئ في حقهــا ماديًــا أو معنويًــا ،ولــذا
وحفاظــا للمصلحــة العامــة ،ولمــا طلــب منــه أمــر فــإن المُعفــي لا يكــون إلا شــخ ًصا هــ ّذب نفســه ،ود ّربهــا
المؤمنــن عمــر ابــن الخطــاب رضي اللــه عنــه أن يســمح تدريبًــا خلق ًيــا عــى الصفــح والإعــراض عــن زلات الآخريــن
لـه بقتـل أحـد تطـاول عليـه ،قـال الرسـول صـى اللـه عليـه وأخطائهــم .والمُعفــي لا يفكــر في قــوة الــرد عنــد
وسـلم" :دعـه ،لا يتحـدث النـاس أن محمـ ًدا يقتـل أصحابـه"
رواه مســلم .2/1063/وهــذا يــدل عــى جانــب مــن البعــد الإسـاءة إليـه ،ولكنـه يفكـر في مقابلـة الإسـاءة بالحسـنة،
الاســراتيجي للسياســة الداخليــة في عهــد المعصــوم
صـى اللـه عليـه وسـلم ،ولنـا في ذلـك دروس وعـر .ولم يقــول تعــالى "ولا تســتوي الحســنة ولا الســيئة ادفــع
يكـن الرسـول صـى اللـه عليـه وسـلم ينتقـم لنفسـه ،بـل
كان يعفــو عمــن أخطــأ في حقــه ،ولنــا في خلــق رســول بالتـي هـي أحسـن فـإذا الـذي بينـك وبينـه عـداوة كأنـه
اللـه صـى اللـه عليـه وسـلم أسـوة حسـنة "لقـد كان لكـم
ولي حميــم" فصلــت.34/
في رســول اللــه أســوة حســنة" ســورة الأحــزاب.21/
العفـو سـمة حضاريـة للمجتمعـات المتقدمـة مـن الناحيـة وجــاءت الشريعــة الإســامية آمــرة بالعفــو عــن النــاس،
الأخلاقيـة ،والمجتمـع المتسـامح يعيش في حياة سـعيدة؛
ذلـك لأن العفـو يريـح القلـب مـن همـوم العـداوات ،ويزيـح ورتّبـت عـى العفـو ثوابًـا لل ُمعفـي إذا َعفـى وهـو قـادر
الضغائــن والأحقــاد مــن النفــس الإنســانية ،كــا يهــدئ عـى الـرد ،والاقتصـاص مـن المعتـدي ،ومـع أن الشريعـة
الأعصــاب ويطــرد الغمــوم مــن بــال الإنســان؛ ولهــذا قــال
أجــازت الاقتصــاص بــن الأفــراد؛ تحقي ًقــا للعــدل ولكنهــا
الإمـام الشـافعي رحمـه اللـه تعـالى:
لما عفوت ولم أحسد على أحد شــ ّجعت أيضــاً عــى العفــو والتســامح "وأن تعفــوا أقــرب
أرحت نفسي من هم العداوات للتقــوى" البقــرة .237/وقــال تعــالى" :خــذ العفــو وأمــر
إني أحيي عدوي عند رؤيته
بالعـرف وأعـرض عـن الجاهلـن" الأعـراف .199/وقـال جـل
في عــاه مخاط ًبــا نبيــه محمــد صــى اللــه عليــه وســلم:
"فاصفـح الصفـح الجميـل" الحجـر .85/وقـال تعـالى مخاط ًبا
صحابــة رســول اللــه صــى اللــه عليــه وســلم" :وليعفــوا
وليصفحــوا ألا تحبــون أن يغفــر اللــه لكــم واللــه غفــور
رحيــم" النــور.22/
وط ّبــق الرســول صــى اللــه عليــه وســلم العفــو بشــكل
عمــي في حياتــه معفيًــا عــن أهــل مكــة يــوم الفتــح،
وأعفـى زينـب بنـت حـارث اليهوديـة التـي وضعـت ال ّسـم
في طعامــه لتقتلــه ،وأعفــى عــن فضالــة بــن عمــر بــن