Page 25 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 51 آب / أغسطس 2021
P. 25
25 العدد - 51آب /أغسطس 2021
zajel@dohainstitute.edu.qa
بـأي شـك ٍل مـن الأشـكال؛ ومـن هنـا يظهـر تأثـر ذلـك المجتمـع لـه ،يمكنـه تغييرهـا بأخـرى أكـر ملاءمـ ًة لشـخصه .فهـل يمكن
عــى حيــاة الفــرد مــن منطلــق دينــي بخلفيــة ثقاف ّيــة،
وأسـاس ثقـافي ُمكـ ّرس ضمن ًّيـا داخـل تلـك المنظومـة الدينيـة أن نــرى تمظهــرات لهــذا التديُّــن في مجتمعاتنــا المعــاصرة؟
في كثــرٍ منهــا نــرى اتجا ًهــا معاك ًســا للــرأي الســابق؛ إذ لا
الظاهــرة. مجــال للفردانيــة وإنمــا تكــون مه َّمشــة ،والفــرد يجــد نفســه
في نظـرة أخـرى لغيرتـز ومسـألة العلاقـة بـن روح الجماعـة داخـل نظـام اجتماعـي يفـرض عليـه نمـط تديُّـن محـ ّدد ،وعـى
والنظـرة إلى العـالم التـي يثيرهـا في كتابـه تأويـل الثقافـات. حــد تعبــر دومــون فــإ َّن الفــرد في مثــل هــذه المجتمعــات
يــرى أ َّن روح الجماعــة هــي مــا تعتنقــه أ ُّي جماعــة مــن
الجماعــات مــن قيــم وأخــاق وجميــع مــا يمثــل ثقافتهــا يكــون منقــا ًدا عــر مركّبــات اجتماعيــة -أيديولوجيــة "ما ّصــة
الخاصـة ،وموقفهـم مـن أنفسـهم ومـن العـالم ،أمـا النظـرة لفرديتــه" (دومــون)2006 ،؛ إذ نجــد أ َّن حريــات الفــرد مق َيّــدة
إلى العــالم فهــي صــورة الواقــع والعــالم الخارجــي .ومــن
هنــا فــإ َّن روح الجماعــة تجــد مــر ًرا لمعتقداتهــا الثقافيــة في تلــك المجتمعــات.
برب ِطهـا بالنظـرة إلى العـالم ،فهـي تُعـرض عـى أنَّهـا طريقـة
حيــاة ضمــن دائــرة النظــرة إلى العــالم؛ أي أ َّن النظــرة إلى مـن هـذا المنطلـق يـرى دوركايـم أن ال ّديـن لـه دور في بنـاء
الوعــي الجمعــي واســتمراره والحفــاظ عليــه؛ فالديــن هــو
العــالم تصبــح مقبولــة عندمــا تُ َقــ َّدم عــى أنهــا واقــع.
يـرى غيرتـز أ ّن إثبـات وجـود علاقـة بـن العنصريـن أمر أسـاس ّي "المعنــى الجمعــي" الــذي يمثــل هويّــة بعــض المجتمعــات
في جميـع الأديـان .وعليـه فطريقـة الحيـاة هـذه تصبـح تعبـ ًرا وتف ّردهـا في عـالم يشـهد تحـولات هائلـة (أكوافيفـا ،باتـي،
عـن الواقـع ،وبالمنطـق نفسـه يمكننـا تفسـر مسـألة التداخـل .)2011ويسـعى أفـراد المجتمعـات التـي تحـ ّدث عنهـا دوركايم
والعلاقــة بــن المعتقــدات الدينيــة والمعتقــدات الثقافيــة لفصــل المقــ َّدس؛ لإضفــاء الشرع ّيــة الثابتــة عــى الكثــر مــن
مــن ناحيــة أن كليهــا نهــج وطريقــة حيــاة .ويذهــب إلى أن الممارســات ،والقيــم ،والقواعــد الاجتماعيــة التــي تشــ ّكلها
"دمـج النظـرة إلى العـالم مـع روح الجماعـة إن لم يكـن ضرورة
منطقيـة ،فهـو ضرورة واقعيـة تفرضهـا التجربـة" .ويؤكـد أنَّـه الجماعــة ،والتــي مــن خلالهــا يمكــن فرضهــا عــى أفــراد
لا يمكــن أن يوجــد مجتمــع باســتطاعته تحقيــق الاســتقلالية
الكاملـة بـن النظـام القيمـي والمرجعيـة الماورائيـة ،وتصبـح المجتمــع بدعــوى هــذه الشرع ّيــة ،وبهــدف تشــكيل جماعــة
القيــم الاجتماعيــة مــن هــذا المنطلــق مل َزمــة .يــأتي ســؤالنا اجتماعيـة متناسـقة .ومـن هنـا ،وبحسـب رأي دوركايـم ،يصبـح
هنـا كيـف يموقـع الفـرد نفسـه في العـر الحـالي بـن روح
الجماعـة ومـا ترتئيـه لـه ،والنظـرة إلى العـالم والتـي تجسـد المقــ َّدس "الأنــا ال ُعليــا" أو الأنــا الجماعيــة لذلــك المجتمــع،
الواقــع؟ أي الفردانيــة أم الجماعاتيــة :الحريــة أم التحديديــة ويصبـح ذلـك المقـ َّدس الأسـاس لإنتـاج رمـوز المجتمـع ،وعليـه
بـن خطابـات تحـرر الأفـراد ،وفلسـفات أخـرى تفضـح اسـتلابهم يكـون الديـن بمثابـة إطـار مرجعـي منظّـم للحيـاة الاجتماعيـة
المــزدوج بــن إثقــالات العولمــة ومتطلباتهــا وبــن الــوزن
لــدى الجماعــة .ومــن خــال نظرتنــا للمجتمعــات العربيــة
الاجتماعـي مـن مواقـع ومـوارد لم يغيّبهـا الانفتـاح.
نحــن نتفــق مــع دوركايــم في أ َّن الوعــي الجمعــي يؤ ّســس
المنظومــة الثقافيــة لهــذه المجتمعــات ،وأ َّن تب ّنــي فكــرة
دينيــة في جماعــة معينــة تُلــزم بقيــة أفرادهــا عــى تبنيهــا