Page 19 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 51 آب / أغسطس 2021
P. 19

‫‪19‬‬                                                                         ‫العدد ‪ - 51‬آب ‪ /‬أغسطس ‪2021‬‬
                                                                       ‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬

    ‫ناتجــة في معظــم الأحيــان عــن التربيــة‪ :‬الإرهــاب‬                         ‫يمكننــا القــول إننــا أمــام مــرض اجتماعــي؟‬
                                                                       ‫الجـواب‪ ،‬هـو حـن تكـف المؤسسـات الاجتماعيـة مـن‬
    ‫أنموذ ًجـا‪ .‬إذ مـا يفـر إقـدام الأشـخاص على ممارسـة‬                ‫حيــث هــي كذلــك‪ ،‬عــن تأديــة الــدور المنــوط بهــا‪ ،‬أو‬
    ‫العنــف مثــا وتنفيــذ العمليــات الإرهابيــة دون تــردد‪،‬‬          ‫عندمــا يكــون هنالــك خلــل في البنيــة الداخليــة لتلــك‬
                                                                       ‫المؤسسـة‪ .‬فـإذا أجلنـا النظـر مليـا في الجامعـة عـى‬
    ‫هـو قابليـة هـؤلاء للاسـتيلاب الإيديولوجـي‪- ،‬الإرهـاب‬              ‫ســبيل المثــال لا الحــر‪ ،‬ســنخرج باســتنتاج مفــاده أن‬
                                                                       ‫الجامعـة في السـياق العـربي عـى وجـه مخصـوص‪،‬‬
    ‫كإيديولوجيـا‪ -‬حيـث مـا هـذا الاسـتعداد وتلـك القابليـة‬             ‫لم تعــد تــؤدي دورهــا كمؤسســة لإنتــاج العلــوم‬
                                                                       ‫والمعــارف‪ ،‬بــل غــدت مؤسســة متماهيــة كليــة مــع‬
    ‫إلا نتــاج لتــك الظــروف الاجتماعيــة والبيئــات المحيطــة‬        ‫إرادة السـلطة ومصالحهـا حيـث لم تـرح فضـاء للعلـم‬
                                                                       ‫الخالـص والبحـث العلمـي والنقـاش الحـر المنتـج‪ ،‬بقـدر‬
    ‫التـي تـ ّرب منهـا هـؤلاء الأشـخاص المعنيـون جـل إن‬                ‫مـا غـدت مؤسسـة تعمـل عـى صياغـة وإنتـاج نمـوذج‬
                                           ‫لم نقــل كل أفكارهــم‪.‬‬      ‫معـن مـن الأفـراد يكـون للسـلطة السياسـية مصلحـة‬
                                                                       ‫في وجودهـم –"جيـل مـن الضبـاع" يعيـش بمفصـل عن‬
    ‫دون أن نعــزب النظــر عــن تلــك الأمــراض الثقافيــة‬              ‫قضايــاه ومصــره المشــرك‪ -‬عو ًضــا أن تنتــج لنــا جيــ ًا‬
                                                                       ‫يتمتــع بيقظــة نقديــة ووعــي مركــب‪ :‬وعــي بأشــكال‬
    ‫الأخــرى بمــا هــي أمــراض اجتماعيــة‪ ،‬مــن قبيــل‪:‬‬               ‫وآليــات ممارســة الســلطة وباللامرئيــات السياســية‪،‬‬
                                                                       ‫ووعـي بطبيعـة العلاقـة التـي تجمـع الجامعـة بالدولة‬
    ‫المجتمـع الأبـوي‪ ،‬التراثويـة كانعـكاس للتخلـف والاقصـاء‬            ‫والدولــة بباقــي الأجهــزة والمؤسســات الاجتماعيــة‬

    ‫الاجتماعـي‪ ،‬التديـن‪ ...‬الـذي بـات يتخـذ أشـكالا ويكتسي‬                                                                     ‫الأخــرى‪.‬‬
                                                                       ‫لا جــرم أن مثــل هــذه الباثولوجيــات تحــدث عطبًــا في‬
    ‫ألوانًــا ‪-‬مرتبطــة بســياق مجتمعــي معــن‪ -‬تقــف في‬               ‫سـرورة التطـور الاجتماعـي‪ .‬فثمـة أمـراض اجتماعيـة‬
    ‫غالبيــة الأحيــان حجــرة عــرة أمــام ســرورة التطــور‬            ‫أخـرى تحـول دون تحقـق تطـور اجتماعـي ناجـع‪ ،‬تكـون‬

                                                       ‫الاجتماعــي‪.‬‬

    ‫إن الوعــي بالــرورة الراهنيــة للفلســفة الاجتماعيــة‬

    ‫في الســياق العــربي والحالــة هــذه‪ ،‬يشــرط وع ًيــا‬
    ‫مزدو ًجــا‪ :‬وعــي بــأن هنــاك انحرافــات وآلام اجتماعيــة‬
    ‫تقتـي الكشـف والتشـخيص لمعرفـة المـرض وعلتـه‬

    ‫التــي يســتمد منهــا وجــوده‪ ،‬ووعــي بــأن الحلــول لا‬

    ‫يمكـن أن تتـأتى ولا أن تحـدث فعاليـة وتأثـ ًرا إيجابيًـا ولا‬
    ‫أن تحقــق نجاعــة دون تشــخيص مســبق‪ .‬ففــي غيــاب‬

    ‫هـذا الوعـي سـيشرع المجتمـع العـربي لا محالـة في‬
    ‫َمأْ َس َســة الباثولوجيــات الاجتماعيــة إلى الحــد الــذي‬
    ‫تغـدو فيـه الأمـراض الاجتماعيـة في السـياق العـربي‬
    ‫أمرا ًضــا ُم َمْ َس َســ ًة بــد ًل مــن أمــراض تصيــب مؤسســات‬

                          ‫اجتماعيــة معينــة فتعبــث بصحتهــا‪.‬‬
   14   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24