Page 20 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 56 - كانون الثاني / يناير 2022
P. 20
20 العدد - 56كانون الثاني /يناير 2022
zajel@dohainstitute.edu.qa
مراجعات
البحث عن "الحب الكبير" بين هاجس
العنوسة و ُحلم الأمومة
▪ياسمين المصري
برنامج ماجستير علم الاجتماع والأنثروبولوجيا
سن الثالثة عشرة ،لأنه صورة للمتعة الممنوعة ،وهو طالــت وتح َّولت إلى رواية ،وأن هذه الرواية انتهت "لا تكت ْب قصائ َد حب!"
ما جعل عــدم تحققه -أي :زواجها -يعني خســارة إلينــا نحن القراء ،نقلتنــا خلالها إلى قلب العاصفة كانت تلــك إحدى نصائح "ريلكه" في "رســائل إلى
فرصتهــا الوحيدة في التجربــة .وهنا يمثل هجران التي تعيشها الشخصية الرئيسة للرواية ،في الوقت شاعر شــاب" ،أن يتج َّنب الكتابة في "ال ُحب" ،لأنها
صديقهــا "توم" لها الحدث الذي يزيح الســتار عن الذي يقرر فيه صديقهــا هجرانها على نحو مفاجئ الكتابة الأصعب ،ولأن المرء يحتاج إلى طاقة كبيرة
ُع َقدها الشخصية التي سك َنها "وهم ال ُحب الكبير"، بعد أربع سنوات من العلاقة خارج الزواج ،وهي في وناضجة كي يكتب شيئًا خا ًّصا في مجا ٍل وصلتنا فيه
ال ُع َقــد التي خلَّفتها تربيتهــا الدينية المحافظة في عمــر الثانية والثلاثيــن ،وهو ما يتجاوز مجرد الألم كميــات من الكتابات الجيدة والباهرة أحيانًا ،كما أن
مجتمــع متح ِّرر ،وتلك التــي اعتقدت أنها تخلَّصت العاطفي إلى الأشــباح الخا َّصة بالنســاء" :هاجس كتابــ ًة من هذا النوع بالنســبة لكاتبجاد هي دائ ًما
منهــا ،أو أخرجتها من اللاوعي إلــى الوعي ،ولكنها العنوســة" "وحلم الأمومة" ،وهــي بطبيعة الحال محفوفــة بالمخاطر ،لصعوبة نقل هــذه التجربة
لــم تزل تحكم حياتها ونظرتهــا لذاتها وللآخر ،بدا ألفــاظ إشــكالية تطرح تســاؤلات نســوية عصرية الإنســانية دون الوقوع في شرك الابتذال والتكرار،
الحدث أحد تلك الصدمات التي تُخرج إلى السطح مشــوبة بكبريــاء النســاء من قبيل :هل العنوســة خاصة إذا كانت هي الثيمة الأساســية للكتاب وليس
حتى أغبــى وأتفه الأفكار والمخاوف التي قد تخطر هاجس؟ وهل الأمومة ُحلم؟ هنا ندع هذه الأسئلة مجرد ثيمة متض َّمنة داخل الســرد الروائي ،وخاصة
لك فتبدو ســردية من الكوميديا الســوداء ،كتفكير جانبًــا ونق ِّرر أن نســتمع لصوت شــخصية الرواية مرة أخرى لو كانت هذه هي الرواية الأولى لمؤلفتها،
وهو الأمر الذي سيدفعني كقارئة للتساؤل ببساطة:
"أليسون" بقلق بأنها ستكون "عانس العائلة"! الرئيسية.
على أن ال ُعقدة الكبرى التي حكمت حياتها النفسية اســمها أليســون هوبكنز ،وهي تنتمي إلى الطائفة ما الذي قد يُضيفه هذا لي؟!
وخلقت لديها حساســية عالية تجــاه رؤيتها لذاتها الإنجيليــة ،طائفة وف ًقا لوصفها "متشــددة دينيًّا"، وهذالأن"ال ُحب"مع ًنىغيرمف َّضلروائيًّافيالأدب
ورؤيــة الآخر لهــا ،وهي ثيمة أساســية في الرواية، تحظــر على أفرادها ممارســة الجنس خــارج إطار الحديث؛ إذ في الوقت الذي أخضعت "الحداثة وما
هــي ما تتعلق بأنها محدودة التجارب في العلاقات الــزواج ،وهــو مــا جعــل أليســون تحافــظ على بعــد الحداثة" الكثي َر من المعاني الشــائعة وغ َيّرت
الحميمية ،وهو ما كان يُشعرها على الدوام باحتمال "عذريتها" حتى سن الخامسة والعشرين الذي تقرر نمط الحياة الإنسانية ،فإن مفهوم "ال ُحب" بتعاليه
افتقارها للخبرة اللازمة لجعل حياتها الخاصة أفضل عنــده التح ُّرر مــن معتقدات طائفتهــا ووضع ح ٍّد التقليــدي الذي ح َّوله إلى مع ًنى شــبه ميتافيزيقي،
مما هي عليه ،وهو الســبب ذاته الذي كان يُشعرها لهذه الحالة ،منتظر ًة خلال ذلك أن تعثر على الزوج كان أحــد ضحايــا هــذا المجهر الإنســاني الجديد
بأن العالم كله يمتلك خبرة في العلاقات الإنســانية المناسب ،الذي تح َّول بالنسبة إليها إلى هاجس منذ بوصفــه متغ ّيِــ ًرا ككل المعاني اللصيقــة بصيرورة
الوجود الإنســاني ،وهو ماجعلنا نطرح التساؤلات
حول هذه الفقاعة الكبيرة المسماة "بال ُحب" بشيء
مــن الحرية أحيانًا تلــك التي تُحررك من البحث ع َّما
لا وجــود له ،وبشــيء من الغبن فــي أوقات أخرى
لنــزع "الســحر" الغرامي عن العالــم ،ولذلك فقد
اختــارت الروائيــة الأمريكيــة "ســارة دان" ،مؤلفة
روايــة "الحب الكبيــر" ،أن تخوض غمــار التحدي
بالكتابة عن الحب بعفوية تثق في صوتها الداخلي،
لتُخرج تناول ال ُحب من الإطار الكلاشيهي الملحمي
إلــى صور ٍة لعلاقــة عاطفية عصريــة على الطريقة
الغربية ،بحميمية آســرة في ال َّســرد ،فبدت كامرأة
متأ ِّملــة في ذاتها تتع َّرض لصدمة عاطفية تحتاج كي
تتحرر من ثقلها لأن تكتب رســالة لصديق تشرح له
حالتها ،ولكن ما يحدث هو أنها تجد هذه الرســالة