Page 26 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 52 - أيلول / سبتمبر 2021
P. 26

‫‪26‬‬                                                                                     ‫العدد ‪ - 52‬أيلول ‪ /‬سبتمبر ‪2021‬‬
                                                                                    ‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬
               ‫أقلام‬

                                                                                    ‫هل من فرح بـ "صومعة النسر"؟‬

                                                       ‫محمد الرقب‬                   ‫هـل يمكـن لكلـاتي أن تكو َن كالشـمعة؟ "تـيء الظلام بالعشـاء"‬

                                ‫	•برنامج ماجستير اللسانيات والمعجمية العربية‬        ‫ثـم تحـر َق؟ هـل يمكـن أن يسـتحدث العالَـم المعنـ ّي مكانًـا خاليًـا‪،‬‬
                                                                                    ‫يسـاف ُر إليـه مـن ثقلـ ْت عليـه أحمالـه‪ ،‬وأصبحـت تضغـط عـى كتفـه‬
                                                         ‫هل أنا غار ٌق الآ َن؟‬      ‫وصـدره‪ ،‬هـل يمكـن أن يسـاف َر إليـه ويـر َخ بمـلء صوتـه حتّـى إذا‬
                                                                                    ‫مـا ظـ ّن أنـه قـد تخلّـص منهـا آ َب إلى حياتـه التـي يعيشـها يـرب‬
‫سـؤا ٌل بقـد ِر مـا هـو سـه ٌل بقـدر مـا هـو صعـ ٌب‪ ،‬إذ لـو كنـ ُت غارقًـا‬
‫تما ًمـا لمـا اسـتطع ُت الكتابـة‪ ،‬ولـو كنـت ناجيًـا لمـا اسـتطع ُت التعبـر‬                             ‫القهـوة مسـتمت ًعا بمنظـر شروق الشـمس مثـ ًا؟‬
‫عــن خلجــاتي ومــا يضطــرب الآن في أعماقــي! إذن فلأكــ ْن واق ًفــا‬               ‫كنــ ُت أعجــ ُب مــن قــدرتي العظيمــة عــى التح ّمــل في مــا مــى‬
‫مهتــ ًّزا كلعبــ ِة الســفينة التــي تقــذف براكبهــا ارتفا ًعــا وهبوطًــا!‬       ‫مــن ســنين‪ ،‬ومــن مرونتــي الفائقــة في التّعامــل مــع ضغــوط‬
‫يــرخ بأعــى صوتــ ِه! أوقفــوا هــذه المهزلــة‪ ،‬والــك ّل يضحــ ُك لا‬              ‫الحيـاة ومصاعبهـا المتكاثـرة‪ ،‬وبنفـ ٍس راضيـة وروح معنويّـة عاليـة‪.‬‬
                                                                                    ‫ألأنـك لم تكـ ْن فيهـا؟ قـد يكـون هـذا التحـ ّول المتسـارع مـن الرضـا‬
                                                             ‫يه ّمــه شيء!‬          ‫إلى الســخط ومــن الهــدوء إلى القلــق ومــن الســكينة والوقــار‬
‫هـل الحيـا ُة لعبـ ٌة؟! هـل الوجـود قاتـ ٌم كغـرا ِب البـن؟ أم أن عينـ ّي‬
                                                                                    ‫إلى الملـل والارتبـاك ومـن التفـاؤل إلى التشـاؤم‪ ،‬قـد يكـون هـذا‬
                                  ‫تع ّودتـا عـى ارتـداء نظّـار ٍة سـودا َء؟!‬        ‫التحـ ّول يتعلّـق بانحـرا ٍف خطـ ٍر في بنيتـي الفكريّـة‪ ،‬وبعبـار ٍة أد ّق‬
‫هــل الكــون يتثــاءب؟ هــو في عينــي هكــذا‪ ،‬يته ّيــأ لنــو ِم ثقيــل‪،‬‬            ‫بطريقـ ِة تفكـري تجـاه الحيـاة وال َكـون والعالَـم الـذي يجثـم عـى‬

                                                           ‫لســبات عميــق‪.‬‬                                                       ‫صـدري كأنـه صخـرة صـ ّاء!‬
‫أعصــابي تلفــت‪ ،‬عضــاتي وهنــت‪ ،‬شــعري أصبــح جافّــا خفي ًفــا‪،‬‬                                                            ‫نعم تغ ّيت! خذ مث ًل على ذلك‪:‬‬

                         ‫وعينــاي منتفختــان مــن الســهر الطويــل!‬                 ‫كنــ ُت في مــا خــا مــن ســنوا ٍت لــو أجلــس في البيــت ســاعا ٍت‬
‫هـل تبـدو الكتابـ ُة خرو ًجـا مـن المـأزق؟ أ ّي مـأز ٍق تحديـ ًدا؟ هـل هـي‬          ‫متطــاولا ٍت لا يمكــن لأ ّي ملــ ٍل أن يتــ ّرب إلى روحــي‪ ،‬ثــ ّم أســم ُع‬
‫طـوق نجـا ٍة؟ سـلّم طـوارئ؟ هـل تبـدو مثـ َل مـد ّرب كـرة قـدم وجـد‬                 ‫النــاس يشــتكون مــن هــذا النــزق والضجــر وأعجــ ُب كيــف لهــم أن‬
‫فريقــه متأ ّخــ ًرا حتــى الدقيقــ ِة الأخــرة‪ ،‬فلــم يلبــث يبــ ّدل الخطــط‬      ‫يعانــوا مــا يعانــوا وبــن أيديهــم مفاتيــح الســعادة والهــدوء‬
‫ويغــ ّر فيهــا حتــى أثمــرت عــن هدفــن متلاحقــن محــر ًزا كأس‬
                                                                                    ‫والرضــا! هــل كانــت تجربتــي متواضعــة؟ كجنــاح حمامــة غــ ٍّض لا‬
               ‫البطولـة قبـل أن تلفـظ المبـاراة أنفاسـها الأخـرة؟!!‬
‫هـل الحيـا ُة كلهـا مثـ ُل مـد ّرب؟! الإجابـة هـي نعـم‪ ،‬ولكـ ْن مـن غـر‬             ‫يقــوى عــى الطــران ولم يجــ ْل في فضــاء اللــه! ومــاذا بعــد؟‬
‫مقدمــات تصيبــك كارثــة فتتعلــم منهــا درو ًســا كبــرة‪ ،‬كــرورة‬                  ‫بلحظـ ٍة مصيريّـة‪ ،‬بانكسـا ٍر هائـل في روحـي تغـ ّر ِت الأحـوا ُل رأ ًسـا‬
‫التخــي عــن أفــكا ٍر مثاليــة تتعلــق بكــو ِن النــاس يســاندونك في‬
                                                                                                                                                   ‫عــى َعقــب‪.‬‬
                                                           ‫أوقــات الشــ ّدة!‬       ‫كنــت أظــ ّن أ ّن الأمــ َر يحتــاج إلى وقــ ٍت طويــل قبــل أن يحــد َث مثــ ُل‬
‫تــوصي أحــ ًدا منهــم بــأن يراعــي مــا تمــ ّر بــه مــن أحــوا ٍل صعبــة‬        ‫هـذا التغيـر‪ ،‬تما ًمـا كلغـ ٍة منتـر ٍة أصابهـا ضعـ ٌف لم يـز ْل يقـوى‬
‫وتشــ ّدد عــى ذلــك‪ ،‬ولا تــزال تذكّــره بهــذا وتوصيــه حتــى تطمــن‬              ‫ويقـوى حتّـى ماتـ ْت! أو كـركا ٍن يحمـ ُل في داخلـه حمـ ًا انتظـر ْت‬
‫إلى أنــه ســيكو ُن عنــد حســن الظــ ّن‪ ،‬لكنــك تتفاجــأ حينــا تتقلّــب‬           ‫تلـك اللحظـة الحاسـمة قبـل الهيجـان والانفجـار والتدمـر! فـإذا أنـا‬
‫بـك الحيـاة أنّـه غـ ُر آبـ ٍه بـك ّل مـا أوصيتـه بـه! لم تركـ ُن في الأصـل‬         ‫مثـ ُل سـفين ٍة تمخـر عبـاب المـاء بهـدوء واتّـزان‪ ،‬لكـ ّن ري ًحـا مباغتـة‬
‫إلى أحــ ٍد غــ ِرك توصيــه بــك إيصــا ًء مل ًّحــا؟ هــل تنبــأ َت بأنــك أمــام‬  ‫ه ّبـت مـن حيـث لا يـدري ُربّانهـا فأحدثـت فيهـا خرقًـا كبـ ًرا تسـبّب ْت‬

                                                                                                                                  ‫في إغراقهـا بلمحـ ِة عـن!‬
   21   22   23   24   25   26   27   28   29   30   31