Page 25 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 52 - أيلول / سبتمبر 2021
P. 25
25 العدد - 52أيلول /سبتمبر 2021
zajel@dohainstitute.edu.qa
يعتـرون أن الفعـل الـذي لا يـر النـاس ويحقـق لهـم السـعادة هـو اســتقلالا تامــا عــن أيــة منفعــة ،كي يســتحق أن يطلــق عليــه اســم
الفعــل الأخلاقــي ،وهــذا هــو موقــف جــل النفعيــن مثــل "جيريمــي الواجـب ،حيـث نجـد هـذه القاعـدة تقـول ":افعـل الفعـل بحيـث تعامـل
بينثــام وجــون ســتيوارت ميــل وويليــام جيمــس وجــون ديــوي" كل الإنســانية في شــخصك كــا في الأشــخاص الآخريــن بوصفهــم غايــة
هــؤلاء نجــد أنهــم حاولــوا تأســيس الأخــاق عــى مــا هــو واقعــي،
حيـث جعلـوا مـن السـعادة والشـعور باللـذة أهـم مـا يجـب أن يسـعى في ذاتهــم لا كمجــرد وســيلة فحســب" .
إليــه جميــع الأفــراد ،وقــد ننطلــق مــن المقولــة الشــهيرة لبينثــام، إن فعــل الفــرد حســب كانــط يجــب أن يخاطــب دائمــا وأبــدا الغايــة
وليـس الوسـيلة ،بمعنـى أن كل أفعالنـا يجـب أن تكـون أفعـالا لذاتهـا
"أكــر ســعادة لأكــر عــدد مــن النــاس". وليسـت لحاجاتنـا ومنفعتنـا أو لأغـراض أخـرى ،لأن الفعـل الـذي يكـون
ومــن هنــا يمكننــا القــول إن الفعــل الأخلاقــي حســب رواد التيــار لذاتـه ،يصلـح أن يكـون مبـدأ أخلاقيـا لجميـع البـر ،وهـذا في الغالـب
النفعـي هـو الفعـل الـذي يسـعى دائمـا لتحقيـق السـعادة لأغلبيـة
الأفــراد ،وليــس للفــرد الواحــد ،وتماشــيا مــع هــذه القولــة نجــد يتعـارض مـع مـا جـاءت بـه الأخـاق النفعيـة.
سـتيوارت ميـل يقـول في كتابـه النفعيـة "إن الأخـاق النفعيـة تعـرف إن الإنســان مهــا ســمى بأفعالــه ،يظــل كائنــا ناقصــا تحكمــه
بقـدرة الـذوات عـى التضحيـة بأكـر خـر لهـم لمـا فيـه خـر الآخريـن، مجموعــة مــن الغرائــز والعواطــف ،كــا يحكمــه مــن جهــة أخــرى
إن التضحيــة التــي لا تنمــي أو التــي لا تســعى إلى تنميــة المقــدار العقــل والمنطــق .ولهــذا فنيتشــه يــرى "أن هــذا الكيــان لا يمكــن أن
العـام للسـعادة ،تعتـر تضحيـة لا طائـل منهـا" إن ميـل يطـرح قضيـة يكــون مســؤو ًل ،نظــرا لكونــه نتيجــة حتميــة بكليتــه هــو أيضــا ،وأنــه
مهمـة ،وهـي أن الأخـاق النفعيـة تجعـل مـن مبـدأ السـعادة الكليـة، متشـكل مـن تأثـرات أشـياء مـن الحـاضر والمـاضي وبالتـالي لا يمكـن
هـي الغايـة التـي يجـب أن يسـعى إليهـا جميـع أفـراد المجتمـع ،لأن أن يُجعـل الإنسـان مسـؤولا عـن شيء ،لا عـن كيانـه ولا عـن دوافعـه
سـعادة الفـرد لـن تتحقـق إلا بتحقيـق سـعادة الجميـع ،و بمعنـى آخـر ولا عـن أفعالـه ولا عـن نتائـج أفعالـه" .وبمعنـى أخـر فنيتشـه يعـارض
يجــب عــى الفــرد أن يكــون مســتعدا دائمــا للتضحيــة مــن أجــل هــذه كانـط في قضيـة أساسـية ألا وهـي جعـل المبـادئ الفرديـة للأخـاق
الســعادة ،ولهــذا يؤكــد ميــل "أن الســعادة التــي تمثــل المقيــاس قوانــن كونيــة لجميــع البــر ،وهــذا قــد يحــدث إذا جردنــا الإنســان
النفعــي لمــا هــو خــر فيــا يتعلــق بالســلوك ليســت متمثلــة في مـن جميـع أحاسيسـه ورغباتـه ،وهـذا مـا يدفعنـا إلى التوقـف عـى
الســعادة الخاصــة للفاعــل ،بــل هــي متعلقــة بســعادة الجميــع" أي
أن الفعـل لـي يكـون فعـا أخلاقيـا يجـب أن تكـون الغايـة منـه هـي الأســس التــي بنيــت عليهــا الأخــاق النفعيــة.
الأخلاق النفعية مصد ًرا للسعادة
إســعاد الجميــع.
وفي الختـام نسـتخلص أنـه رغـم كل هـذه المحـاولات لوضـع الأسـس إن كانــط قــد حــاول تأســيس أخــاق متعاليــة ،وج ّردهــا عــن جميــع
الرصينــة والعامــة لمبــدأ الأخــاق ،إلا أننــا في آخــر المطــاف نجــد أن أشـكال المنفعـة والتبعيـة ،حتـى أنـه جردهـا مـن طابعهـا الواقعـي،
هـذه المحـاولات ظلـت ناقصـة وغـر مكتملـة ،وهـذا راجـع بالأسـاس لأننــا لمــا ننظــر إلى الواقــع نجــد أن القليــل منــا يســتطيع التــرف
لكــون الإنســان ذاتــا عاقلــة وفي الوقــت نفســه هــو ذات تحكمهــا وفقـا لمبـدأ الواجـب بالمعنـى الكانطـي ،ولهـذا تجـد أغلبيـة النـاس
مجموعـة مـن الغرائـز والشـهوات ،ولهـذا مـن الصعـب تأسـيس أخـاق
تفصــل بــن هذيــن الطرفــن.

