Page 24 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 52 - أيلول / سبتمبر 2021
P. 24
24 العدد - 52أيلول /سبتمبر 2021
zajel@dohainstitute.edu.qa
أقلام
الأخلاق بين الواجب والمنفعة
يوسف أمجيدة في غالبيـة الأحيـان نجـد أنفسـنا تحركنـا عواطـف وأحاسـيس ورغبـات
•برنامج ماجستير الفلسفة داخليــة تنحــوا بنــا للقيــام بســلوكيات معينــة تتعــارض مــع مبادئنــا
العقليـة ،فنضطـر للتخـي عنهـا أو قمعهـا بمـررات أخلاقيـة ،وهـذا
وبمـا أن الإنسـان حسـب كانـط هـو الكائـن الوحيـد الـذي يتمتـع بملكـة مـا يسـقطنا في الغالـب داخـل دوامـة مـن التناقضـات ،أريـد ولا أريـد،
العقـل ،فهـو الكائـن الوحيـد الـذي يسـتطيع أن يحقـق اسـتقلالا ذاتيًـا، أحـب وأكـره ،وهـي في الحقيقـة صراعـات داخليـة نعيشـها كل يـوم،
لهــذا نجــد كانــط يقــول في هــذا الصــدد "إن الإنســان بوصفــه كائ ًنــا إننــا مــن اليــوم الــذي ولدنــا فيــه ونحــن نســمع لا تقتربــوا مــن هــذا
عاقــ ًا ،ولكونــه تبعــا لذلــك منتم ًيــا إلى عــالم معقــول ،لا يمكنــه أن إنـه قبيـح أو حـرام أو فاحـش ،كل هـذه النواهـي والتنبيهـات جعلتنـا
يتصـور عليـة إرادتـه إلا مـن خـال فكـرة الحريـة ،وذلـك لأن الاسـتقلال
عـن العلـل الحسـية في عـالم المحسـوس هـو حريـة بعينهـا" وهـذا مكبلــن ومســجونين داخــل أجســادنا الممتلئــة بالرغبــات المكبوتــة.
الاسـتقلال بطبيعـة الحـال لا يتـم إلا إذا كان الفـرد حـرا ،والحريـة تعتـر مهـا ادعينـا أننـا أحـرار ،دائمـا مـا نجـد أنفسـنا طائعـن لشـهواتنا ،إننـا
شرطــا أساســيا في كل القواعــد التــي يؤســس عليهــا كانــط مبادئــه نطمــح للحريــة في كل لحظــة ،ولكننــا في الوقــت نفســه لا نســتطيع
الانسـاخ مـن أفكارنـا الأخلاقيـة ،التـي في الغالـب مـا تؤنـب ضمائرنـا
الأخلاقيــة. حـن نصغـي لشـهواتنا ،قـد يكـون تحقيـق تلـك الرغبـات والشـهوات
إن كانــط ينظــر للعــالم المحســوس عــى أنــه عــالم مــن الشــهوات تجعلنـا نشـعر باللـذة والسـعادة ،ولكننـا في الوقـت نفسـه نـدرك أننـا
والرغبـات التـي تجعـل الفـرد عبـدا لرغباتـه اللامتناهيـة ،ولهـذا يـرى قــد خرقنــا قانونــا أخلاقيــا يحــر في كل لحظــة نطيــع فيهــا رغباتنــا
أن الاســتقلال عــن هــذه الرغبــات ،هــو تحــرر مــن قيــود الشــهوات ونعـي قوانـن عقلنـا ،ولكـن الإشـكال المطـروح هنـا هـو :عـى أي
الطبيعيـة ،وبمـا أن الأفـراد لهـم حريـة الإرادة فهـم قـادرون عـى أسـاس يجـب أن يتأسـس الفعـل الأخلاقـي؟ هـل عـى مبـدأ المنفعـة
تجريـد أفعالهـم عـن هـذه التأثـرات الحسـية ،وفي هـذا الصـدد تجـدر المرتبطـة بالسـعادة؟ أم عـى أسـاس الواجـب الـذي يتجـرد عـن أي
بنـا الإشـارة إلى القاعـدة الأخلاقيـة التـي تجعـل من فعـل الفـرد قانونًا
كونيـا للطبيعـة ،حيـث أن كانـط يقـر عـى أن الفعـل الـذي يصـدر عـن أشـكال المنفعـة؟
الإرادة الخــرة والعاقلــة ،يصلــح أن يصبــح قانونــا أخلاقيــا عامــا ،حيــث الواجب كأساس للفعل الأخلاقي
نجـده يقـول في كتابـه أسـس ميتافيزيقـا الأخـاق " افعـل كـا لـو كان
إن مجـال الأخـاق سـيعرف منحـى آخـر مـع إيمانويـل كانـط ،حيـث حـاول
باسـتطاعة قاعـدة فعلـك هـذه أن تصبـح قانونـا كونيـا للطبيعـة ". تأســيس أخــاق جديــدة تقــوم عــى نقــد جــل المبــادئ الأخلاقيــة
وكذلــك تمكننــا هــذه القاعــدة مــن أن نكــون نحــن مــن يوجــه ميولنــا الســابقة ،لا ســيما الأخــاق الكنســية والأخــاق النفعيــة عــى وجــه
وليــس العكــس ،وقــد تصبــح كل أفعالنــا تســر وفقــا لمبــدأ الواجــب الخصــوص ،كــا أنــه حــاول تأســيس الفعــل الأخلاقــي عــى مبــادئ
الأخلاقــي ،حيــث يعتــر هــذا الأخــر مــن أهــم الأســس التــي تقــوم عقليــة خالصــة ،وجــرد فعــل الفــرد مــن كل أشــكال التأثــرات الناتجــة
عيلهـا الأخـاق الكانطيـة ،ولا سـيما عـى المسـتوى العمـي ،ولكـن عــن العــالم المحســوس ،فــإذا كان العقــل مــع ديفيــد هيــوم عبــدا
لا يمكــن للفــرد أن يتــرف وفقــا لهــذا المبــدأ ،إذ لم يكــن قــد حقــق للعاطفــة ســيصبح مــع كانــط قائــ ًدا للعاطفــة ومحــد ًدا لمســارها،
نوعـا مـن الاسـتقلال الـذاتي ،لأن فعـل الإنسـان يجـب أن يكـون مسـتقلا بينـا الفعـل الأخلاقـي الـذي كان هـو الفعـل الـذي تترتـب عنـه لـذة
أو منفعــة ،ســيصبح مــع كانــط هــو الفعــل الــذي يرقــى عــن عــالم
المحسوســات إلى عــالم المعقــولات.

