Page 23 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 53 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
P. 23
23 العدد - 53تشرين الأول /أكتوبر 2021
zajel@dohainstitute.edu.qa
ذكي يخــدم هــدف الروايــة وســياقها، كــا تعــرض الروايــة لعــدد مــن الشــخصيات والجسـد عـى ال َّجلـد) ،هـذه التمرينـات التـي
فســاحة المعركــة لا تحتمــل لغــة أدبيــة التــي اكتفــت بذكــر ألقابهــم (التوأمــن، يقـوم بهـا التوأمـن عـى نحو متعمـد ،هي
وشــاعرية رومانســية" ،في حــرة الــدم؛ خطــم الأرنــب ،الجــ ّدة ...إلــخ) ويمكــن أن نعــد فكــرة ذكيــة مــن الكاتبــة تصــف مــن خلالهــا
يخجــل الحــر ويتراجــع" ،ليــس هنالــك أبلــغ ذلــك إلما ًعــا إلى أن الحــرب لا تعبــأ بالإنســان مــا يحــدث عــى نحــو ضمنــي وعشــوائي
مــن الوصــف المجــرد الدقيــق للإحاطــة حيــث ثمــة اســم وروح وجســد ورغبــات وتدريجـي في أرواح ضحايـا الحـروب ،فالحـرب
بالكارثــة ،إن الأمــر في غــر حاجــة إلى وآمــال ،فالاســم يحمــل الاعــراف والعاطفــة ليسـت سـوى تمري ًنـا قاسـيًا عـى القسـوة،
مبالغـات عاطفيـة أو مجـاز خيـالي أو زخرفـة والمعنــى ،ومــا يحــدث في الحــرب هــو وتجريــ ًدا مــن معــاني الإنســانية ،يخلــف
لغويــة ،وهــو غــر خــاص بعاطفــة محــددة إلغـاء لهـذه المعـاني ليتحـول الأفـراد فيهـا إنســانًا بظــا ٍل مــن بقايــا إنســانية مشــوهة،
تخـص أفـراد بعينهـم ،وإنمـا توصي ًفـا مجـر ًدا إلى أعـداد أو ألقـاب تـؤدي الغـرض لا اسـ ًا تتجـى في أغـرب صورهـا بموقـف التوأمـن
بمرجعيــة إنســانية ،وفي الوقــت ذاتــه فــإن مــن أمهــا وأبيهــا حــن يعــودا إليهــا
وموضوع ًيــا لمســار الأحــداث. الروايــة تعمــد إلى إلغــاء التحديــد الزمــاني في الوقــت الــذي تكــون قلوبهــم تفرغــت
والمـكاني لأحـداث الروايـة ،وهـو مـا ينسـجم
ظلال إنسانية مــع الفكــرة العامــة التــي ترمــي إليهــا مــن أدنى عاطفــة طبيعيــة حيالهــا.
الروايــة ،فالأمــر غــر خــاص بمــكان أو زمــان فالنتيجــة الحتميــة أن الاســتمرار في الحيــاة
لم تُلــغِ الروايــة إنســانية التوأمــن عــى أو أفـراد بعينهـم وإنمـا هـو حالـة مسـتمرة ســيكون ثمنــه التضحيــة الجبريــة بجــزء كبــر
نحــو مطلــق ،وإنمــا أظهــرت طريقتهــم في الوجــود الإنســان تكــون حيثــا حطّــت مـن إنسـانية الضحايـا أو الناجـن أو أن تُخلّـف
المختلفـة والمثـرة للاهتـام في ممارسـة إنســانًا ُمثقــ ًا بإنســانيته ،وكلا الحالتــن هــا
إنســانيتهم في خضــم ســيل الأحــداث التــي الحــرب أوزارهــا.
خلــت مــن كل معنــى إنســاني فــكان ذلــك وجــو ٌه للمعانــاة.
أيضــا مثــا ًرا للدهشــة ،بواســطة الاعتنــاء اللغة تتـاشى لـدى الطفلـن الحـدود الفاصلـة بين
بجدتهــم ومســاعدة خطــم الأرنــب ،والنزعــة الخـر والـر والعـدو والصديق والقسـوة أو
إلى تحقيـق العدالـة بطريقتهـا وتصورهما بســيطة ومجــردة وخاليــة مــن العواطــف، الرحمـة ،فقـط هـو اختـاق مجـرد لضروريـات
بأنــه يحــق لهــا أن يمارســا ســلطة تحقيــق هــذه هــي ســات لغــة الروايــة ،بتضافــر العيــش دون التوقــف عنــد معانيهــا ،ســحق
تدريجــي لــروح الطفولــة ،وطفولــة لا تمــت
العدالــة. لاســمها ِبصلــة غــر كونهــا صــورة وعــدد
كأنهـا تقـول لنـا إن الحـرب لا تُعـدم الإنسـان
إنسـانيته ،بيـد أنهـا تُخلـف إنسـانية مشـوهة ســنوات.
وعرجـاء ومتعـرة في أشـباحها وتصوراتهـا
المنحرفــة ومخاوفهــا ،كــا أن الحساســية الشخصيات
حيــال العدالــة قــد تــورث تطرفًــا ثوريًــا
مندف ًعـا يُخلَّـف مزيـ ًدا مـن العنـف والدمـاء. تحفــل الروايــة بمجموعــة مــن الشــخصيات
"قمصــان بيضــاء ونعــا ٌل مبرنقــة! تعــالا التـي تجمعهـا صفـة مشـركة واحـدة وهـي
"الشــذوذ" ،وتحتــوي مشــاه ًدا جنســية
ســأعلمكما كيــف تعيشــان" انحرافيــة و َم َرض َيّــة ،هــذه الشــخصيات
هــذه العبــارة التــي تســتقبل بهــا الجــدة الشــا ّذة ،هــي الــرورة الأدبيــة كي تكــون
الطفلـن ،هـل يمكـن أن نعدهـا صـوت الحرب: الروايــة قــادرة عــى الإقنــاع وإحــداث
الصدمــة لــدى القــارئ بقــدر مــا يمكــن أن
"تعــالا ســأعلمكما كيــف تعيشــان"؟! تكــون نتائــج الحــرب النفســية والاجتماعيــة
هــي بدايــة لعهــد جديــد كليًــا في أســلوب صادمــة ومدمــرة ،فهــؤلاء ليســوا ســوى
العيـش ومـا يتسـاقط عـى جنباتـه مـن روح ثمــرة للبيئــة الشــاذة والمضطربــة التــي
الإنســان ومــا يقــوم عنــه بالإنابــة ،الدفــر تحتــم عليهــم العيــش تحــت ســطوتها،
الكبــر هــي تجســيد صــار ٌخ لهــذا الصــوت.. والروايـة تجسـي ٌد ُمتقـن لآثـار الحـرب النفسـية
صـوت الظـل في نـرات الأخبـار وكتـب التاريخ
والاجتماعيــة في أفظــع تجلياتهــا.
وخطابــات القــادة والانتصــارات والهزائــم.