Page 28 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 53 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
P. 28

‫‪28‬‬                                                                          ‫العدد ‪ - 53‬تشرين الأول ‪ /‬أكتوبر ‪2021‬‬
                                                                             ‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬
               ‫أقلام‬

                      ‫موسم الهجرة إلى معهد الدوحة‬

                                                   ‫محمد إسماعيل‬             ‫"يــأتي العاشــقون إليــك" قالهــا الفيتــور ّي وهــو‬
                                                                            ‫يتشــظّى بــن نوســتالجياه ومــا يرجــو أن يكــون‪.‬‬
                         ‫	•خريج برنامج ماجستير اللسانيات والمعجمية العربية‬
                                                                            ‫وأجـدني اليـوم أقولهـا وأنـا أتقـ ّدم نحـو ِفخـاخ التاريـخ‬
‫النيجــر لم يتقنــوا لفــظ اســمه كــا هــو في لغتــه‬
                                                       ‫المحلّيّــة‪.‬‬          ‫المُتناظــرة؛ التــي تُعيــد ‪-‬أو هكــذا نتخ ّيــل‪ -‬نفســها‪.‬‬
                                                                            ‫رأيتهــم في أغســطس ‪2019‬؛ ذلــك الشــا ّب الســور ّي‬
‫أراهـم الآن؛ مـن ك ّل حـد ٍب ينسـلون‪ ،‬زرافـا ٍت ووحدانًـا إن‬                ‫المختنــق بالأســئلة حــ ّد ال ُحــزن‪ ،‬تُــرى في عينيــه آثــار‬
‫جــاز المجــاز‪ ،‬باحثــا ٍت وباحثــن إن مزجنــا المجــاز ببعــض‬              ‫ال ُعطاش‪ُ /‬عطــاش الأجوبــة‪ ،‬البنــت الترك ّيــة التــي تخــ ّر‬
‫الحقيقـة‪ ،‬كلّـا خطـا أحدهـم خطـوة مـن بـاب المعهـد‬                          ‫بلغتهــا عــر الأزمنــة‪ ،‬الثائــر الســودان ّي الــذي بُــ ّح مــن‬
‫انفتـح مصراعـا البـاب أكـر‪ ،‬يتّسـع بهـم المـكان وتضيـق‬                      ‫الهتـاف تـار ًكا خلفـه أحـام السـودان الجديـد‪ ،‬الجزائريّـة‬
‫عنهــم العبــارة‪ ،‬لا كــا قــال الن ّفــر ّي في مواقفــه‬                    ‫الحي ّيــة الولعــة بتدليــل القطــط‪ ،‬الأردن ّيــة المُنســلّة مــن‬
                                                                            ‫أضابـر كتـب الـراث‪ ،‬اليمنـ ّي الطيّـب كثـر التب ّسـم رغـم‬
                                                      ‫وخطاباتــه‪.‬‬           ‫أ ّن الحــرب نفثتــه بعيــ ًدا عــن تعز‪/‬ج ّنــة اللــه في الأرض‪،‬‬
‫أ ّول مــن اســتقبلني في المطــار شــا ٌّب لــه مــن اســمه‬
‫نصيــ ٌب وزيــادة‪ ،‬كان اســمه "غيــث"‪ ،‬لا أعــرف لمــاذا‬                    ‫الفتـى الموريتـان ّي النحيـل ذاك الـذي يتبعـه ظـ ّل غيره؛‬
‫وعـدني وقتهـا بـأ ّن تجربـة المعهـد سـتكون مختلفـة‪،‬‬                         ‫يتبعـه ظـ ّل شـي ٍخ يقـرأ الشـعر ويرتشـف بعـد ك ّل بضعـة‬
‫لم أعــرف وقتهــا لمــاذا ي ِعــ ُد الغريــ ُب الغريــ َب‪ ،‬حتّــى‬           ‫أبيــا ٍت رشــف ًة مــن "أتــاي"‪ ،‬حكيــم القريــة الســنغال ّي؛‬
‫عرفـت أنّنـي بمجـ ّرد دخـولي مـن ذلـك البـاب لـن أصـر‬                       ‫الـذي يُحـ ّب أن يسـمع عـن البنيويّـن ولا يحـ ّب أن يتحـ ّدث‬
‫غريبًــا عــى أحــد‪ ،‬كُلّهــم يتبــاشرون بمقدمــك كأنّهــم‬                  ‫عنهــم‪ ،‬المغرب ّيــة الحالمــة بتغيــر شيء مــا لم أعــرف‬
‫كانــوا في انتظــارك‪" ،‬حفيظــة"‪" ،‬كريمــة" و"عدنــان"‪ ،‬لم‬                   ‫حتّــى اليــوم مــا هــو‪ ،‬والفلســطين ّية التــي تصنــع مــن‬
‫أكمــل ســاعتين منــذ دخــولي المعهــد وهــم يه ّشــون‬                      ‫طينـة المـوت تُح ًفـا وألعابًـا وأغـاني‪ ،‬وتصنـع مـن طينـة‬
‫ويب ّشـون كلّـا لقيـت أحدهـم‪ .‬تع ّرفـت بطالـب يكـ ُرني‬
‫ســن ًة أكاديميّــة واحــدة‪ ،‬كان يــدرس في برنامــج الأدب‬                                                                   ‫المــوت الحيــاة‪.‬‬
‫المُقــا َرن‪ ،‬يُنادونــه‪" :‬أبــو عابــد"‪ ،‬تجــ ّول بي في ثنايــا‬
‫المــكان يع ّرفنــي عــى ك ّل مــن التقانــا‪ ،‬إلى أن توقّــف‬                ‫رأيتهــم في ‪ 2020‬مــ ّرة أخــرى؛ جميعهــم يجــ ّرون‬
‫بي أمــام جــدار المبنــى الأكاديمــ ّي المنقــوش بأحــرف‬                   ‫حقائبهــم داخلــن عــر ب ّوابــة المعهــد‪ُ ،‬هــم وغيرهــم‬
‫العرب ّيـة مقطّعـ ًة؛ كعلامـ ٍة عـى هويّـة المعهـد‪ ،‬تركني‬                   ‫مــن الأســاء والوجــوه والرمــوز المُترفــة بالمعنــى‪،‬‬

                                                                            ‫يجـ ّرون حقائبهـم إلى مـا للكـو ِن مـن تجربـة‪ ،‬يصطبحـون‬
                                                                            ‫عــى ترويقــة لبنان ّيــة‪ ،‬ويُضحــون مــع هيــل القهــوة‬
                                                                            ‫الغ ّزاويّــة‪ ،‬ويتســامرون عــى أنغــام ُمهاجــر مــن غــرب‬
   23   24   25   26   27   28   29   30   31   32   33