Page 31 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 53 تشرين الأول/ أكتوبر 2021
P. 31

‫‪31‬‬                                                             ‫العدد ‪ - 53‬تشرين الأول ‪ /‬أكتوبر ‪2021‬‬
                                                                ‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬

‫النظـام البرلمـاني والنظـام الرئـاسي‪ ،‬الحداثـة والتقاليـد‬      ‫أعضـاء المعبـد ببيـع كل ممتلكاتهـم مـن بيـوت‪ ،‬سـيارات‪،‬‬
‫( الــراث)‪ ،‬وغيرهــا مــن المتناقضــات التــي تشــغل تفكــر‬    ‫تجــارة‪ ،‬وغيرهــا داخــل الولايــات الأميركيــة‪ ،‬للســفر مــع‬
‫الفـرد‪ ،‬فمـن الممكـن أن تنتهـي بالطاعـة وتسـليم العقل‬          ‫جيـم جونـز والعيـش في "عزلـة" بحثًـا عـن حيـاة تسـودها‬
‫والــروح للنظــام القائــم دون التع ّمــق للتفكــر بشــكل‬
‫منهجـي‪ ،‬وهـذا الهـروب مـن التفكـر والتسـليم الدائـم‬                                                        ‫العدالــة‪ ،‬لا الظلــم‪.‬‬
‫للطاعــة ينبــع بالدرجــة الأولى مــن اضطــراب معرفــاتي‬       ‫وعنـد السـفر إلى غيانـا‪ ،‬كان الأمـر في البدايـة عـى مـا‬
                                                               ‫يــرام ولكــن مــن ســوء الوضــع‪ ،‬ف ّكــر العديــد مــن أبنــاء‬
        ‫يشــكله الجمــود الفكــري والأحاديــة الهوياتيــة‪.‬‬     ‫المعبــد في العــودة إلى أمريــكا مــ ّرة أخــرى‪ ،‬ولكنهــم‬
‫ختامــاً‪ ،‬تعــددت العوامــل والمحــددات لتفســر الطاعــة‪،‬‬      ‫وجــدوا أنفســهم قــد وقعــوا في "الفــخ"‪ ،‬وانحبســوا‬
‫لكــن يظــل "عامــل العزلــة" الــذي اجتمعــت عليــه أدبيــات‬  ‫داخـل معسـكر منغلـق‪ ،‬وبذلـوا ك ّل مـا في وسـعهم مـن‬
‫علـم الاجتـاع والأنثروبولوجيـا وعلـم النفـس الاجتماعي‪،‬‬         ‫أجـل الطاعـة‪ .‬وهنـا الطاعـة تصبـح خيـا ًرا غـر عقـاني بـل‬
‫عامـ ًا غايـة في الأهميـة‪ ،‬حيـث إنـه يجعـل مـن الفـرد أو‬       ‫اضطـراري‪ .‬ولكـن السـؤال الـذي يطـرح نفسـه‪ ،‬هـل مـن‬
‫المجتمــع مثاليًــا‪ ،‬وذلــك بســبب عــدم الاتصــال بالعــالم‬   ‫الممكــن أن يكــون منطلــق "الفــخ" أو "الانحبــاس" مــر ًرا‬
                                                               ‫لإطاعــة ســلطات فاســدة؟ ســؤال يبــدو ســه ًل ويمكــن‬
            ‫الخارجــي‪ ،‬وتحجيــم العمــل في دائــرة ض ّيقــة‪.‬‬   ‫الإجابــة عليــه‪ ،‬لكنــه يضعنــا أمــام معضلــة كبــرة بــن‬
‫بعبــارة أخــرى‪ ،‬تركيبــة "نحــن" و "هــم" تســاعد عــى‬
‫فــرض "قــوة ناعمــة" داخــل المجتمــع‪ ،‬ف ُيصــ ّور كل مــن‬                                       ‫التمــ ّرد والأمــن (الحمايــة)‪.‬‬
‫هــو داخــل الــ "نحــن" عــى كونهــم أصدقــاء‪ ،‬أخيــار‪،‬‬       ‫رابعــاً‪ ،‬نظريــة "اضطــراب المعرفــة" والعزلــة‪ .‬عندمــا‬
‫وجبــت طاعتهــم والامتثــال لــكل تفاصيــل حياتهــم‪،‬‬           ‫تتنافــر المعتقــدات‪ ،‬الســلوكيات‪ ،‬أو المواقــف‪ ،‬فإنــه مــن‬
‫وعــدم التفكــر في الخــروج عنهــا‪ ،‬وإذا تــم التفكــر‬         ‫الصعــب إحــداث اتــزان بــن متناقضــات العقــل لتقليــل‬
‫في ذلــك وجبــت المحاســبة‪ ،‬وإذا حــدث الخــروج يتــم‬          ‫انزعــاج الشــعور المتناقــض‪ ،‬فالطاعــة تكــون الطريــق‬
‫الاقصــاء بالمقابــل‪ .‬في حــن أن كل مــا هــو "آخــر" أو‬       ‫الأمثـل للتخـ ّي عـن مسـؤولية "تناقـض النفـس"‪ .‬فمثـا‪،‬‬
‫"هـم" متناقـض تما ًمـا معنـا نحـن‪ .‬وهـذه أعـى درجـات‬           ‫متناقضـات عـدة بـن الديـن والعلمانيـة‪ ،‬اليسـار واليمـن‪،‬‬
‫الســلطوية الاجتماعيــة‪ ،‬أو "الشــمولية الاجتماعيــة" أو‬       ‫القيــم والمصالــح‪ ،‬الفــرد والمجتمــع‪ ،‬الخــر والــر‪،‬‬
‫"الشـمولية الناعمـة" حيـث إن الفـرد لا يسـتطيع أن يبتكـر‬
‫حلـو ًل خـارج إطـار المجموعـة ووجـب عليـه الطاعـة‪ ،‬وإن‬

         ‫محــاولات التفكــر في بدائــل مرفوضــة تما ًمــا‪.‬‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34