Page 20 - نشرة زاجل الإلكترونية العدد 46 - كانون الثاني/ يناير 2021

‫‪20‬‬ ‫العدد ‪ - 46‬كانون الثاني‪/‬يناير ‪2021‬‬
‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬
‫أقلام‬

‫التعليم والتع ّلم ما بعد كورونا‬

‫الشيخ مود بدر جوب‬ ‫في العقـود الأولى مـن القـرن الحـادي والعشريـن‪ ،‬جادلـت العديـد مـن‬

‫ •برنامج ماجستير اللسانيات والمعجمية العربية‬ ‫الجهـات الفاعلـة وأصحـاب المصلحـة بشـكل عاجـل بـأن التعليـم يحتـاج إلى‬

‫عـر الإنترنـت‪ .‬جـاء في دراسـتين َمسـحيتَين أجريتـا بالشراكـة مـع أندريـاس‬ ‫التحـول مـن أجـل تلبيـة متطلبـات التقنيـات المتغـرة بسرعـة‪ ،‬ومتطلبـات‬
‫شــايشر (‪ )Andreas Schleicher‬في منظمــة التعــاون الاقتصــادي‬
‫والتنميـة‪ ،‬أنـه بـن نهايـة مارس‪-‬أبريـل ‪ 2020‬تح ّولـت العديـد مـن البلـدان‬ ‫المهــارات الجديــدة في مــكان العمــل‪ ،‬وتعزيــز المســاواة والتماســك‬
‫حـول العـالم مـن عـدم وجـود اسـراتيجية للاسـتمرارية التعليميـة‪ ،‬إلى‬
‫وضــع اســراتيجيات بديلــة للاســتمرارية التعليميــة باســتخدام وســائل‬ ‫الاجتماعـي‪ ،‬والمواطنـة العالميـة الرقميّـة‪ .‬ضمنيًـا‪ ،‬في هـذه المطالـب‬
‫والتوقعــات لتحقيــق إمكانــات كل فــرد‪ ،‬يتطلــب تعليــ ُم القــرن الحــادي‬
‫توصيــل‪.‬‬ ‫والعشريـن ُمعلّمـ َن أكفـاء وبيئـا ٍت وتقنيـا ٍت ومحتـوى تعليمـ ٍّي ف ّعـال‬
‫عـى الرغـم مـن حقيقـة أن أنظمـة التوصيـل البديلـة هـذه قـد وصلـت‬ ‫إلى جانـب الممارسـات التربويـة‪ ،‬التـي يمكـن أن تسـاعد المتعلِّمـن عـى‬
‫إلى أطفــال مختلفــن بمســتويات مختلفــة مــن النجــاح‪ ،‬وأن العديــد مــن‬
‫الأسـئلة لا تـزال قائمـة حـول فعاليتهـا في دعـم التعلـم والتعليـم‪ .‬فقـد‬ ‫تحقيـق هـدف التعلُّـم المنشـود‪.‬‬
‫أظهــرت هــذه الاســراتيجيات قــدرة ملحوظــة للمعلمــن عــى الابتــكار‬
‫السريــع لكنهــا أظهــرت في الطــرف النقيــض تح ّديــا ٍت ج ّمــة وبعثــ ْت‬ ‫أصبــح التعلّــم البــر ّي موضــوع البحــث في العديــد مــن التخ ّصصــات‬
‫العلميّــة أكــر مــن البداغوجيــا أو علــم التربيــة‪ ،‬حيــث تعمــل التخ ّصصــات‬
‫إشــكالات متعــ ّددة عــى مســتوى الأنظمــة التعليميّــة‪.‬‬ ‫الراسـخة‪ ،‬مثـل علـم النفس المعـرف ّي‪ ،‬والعلـوم الاجتماعية والسـلوكية‪،‬‬
‫لم تتغلــب معظــم الــدول الأفريقيــة‪ ،‬عــى ســبيل المثــال‪ ،‬عــى هــذه‬ ‫وكذلــك علــم الأعصــاب‪ ،‬وأبحــاث الدمــاغ‪ ،‬وعلــوم الكمبيوتــر‪ ،‬وحتــى‬
‫التحديـات الرقميّـة والتعليميّـة‪ ،‬لأن البنيـات التحت ّيـة التـي تتأسـس عليهـا‬
‫الشـبكات التواصل ّيـة كانـت ه ّشـة ضعيفـة؛ تمثّلـت في عـدم توفّـر الآليـات‬ ‫الهندسـة‪ ،‬عـى تضخيـم الجهـود لفهـم التعلّـم البـر ّي بشـكل أفضـل‬
‫والتطبيقــات التــي تُوظّــف في التعليــم مثــل ويبكــس (‪ )WebEx‬وزووم‬ ‫والظــروف اللازمــة لتنميتــه‪.‬‬
‫(‪ ،)Zoom‬كـا أن كثـ ًرا مـن الجامعـات لا تُوفّـر إيميـات جامع ّيـة لطلابهـا‬
‫مـا يُفـ ّر غيـا َب التم ّكـن مـن الاسـتفادة مـن مميـزات ميكروسـوفت تيمـز‬ ‫يجـري إعـداد "علـم التعلـم" الجديـد‪ ،‬في إطـار جهـد متعـدد التخصصـات‪،‬‬
‫(‪ )Microsoft teams‬ومــن باقــي التطبيقــات المشــابهة لــه‪ .‬وهــذا يجــ ّر‬
‫أي ًضـا إلى إشـكالات أخـرى تنصـ ّب في سـؤال جديّـة هـذه البلـدان بالإنفـاق‬ ‫مـع إمكانـات هائلـة لتحسـن ممارسـات التدريـس والتعلّـم‪ .‬تُقـ ّدم هـذه‬
‫والاســتثمار في المعرفــة خصوصــا في التعليــم والبحــث العلمــ ّي‪ ،‬مــع‬
‫أن بلـ ًدا مثـل السـنغال يخ ّصـص نسـبة ‪ %41‬مـن ميزانيـة الدولـة للتعليـم!‬ ‫التطـ ّورات وجهـات نظـر جديـدة رائعـة‪ ،‬بنـا ًء عـى التطـورات التكنولوجيـة‪،‬‬
‫فلــاذا تغيــب هــذه الإمكانــات التعليميــة عــن الطــاب؟ إلى أي وجهــة‬ ‫والتــي ُت ّكــن مــن إعــادة فحــص مشــاكل التعلــم طويلــة الأمــد‪ ،‬وطــرح‬

‫تُو ّجـه هـذه الأمـوال؟‬ ‫أسـئلة جديـدة‪ ،‬وتقديـم مناهـج جديـدة لدراسـة التعلـم‪.‬‬
‫في الختــام‪ ،‬إن جائحــة كوفيــد_‪ 19‬أثّــرت ســلبًا عــى القطــاع التعليمــ ّي‬
‫بشــكل كارث ّي‪ ،‬لأنهــا أظهــرت هشاشــة الأنظمــة التعليميّــة لمعظــم‬ ‫يطــرح العديــد مــن المتخ ّصصــن ســؤال نهضــة التعليــم بعــد جائحــة‬
‫البلـدان حـول العـالم وخاصـة في أفريقيـا‪ ،‬كـا بيّنـت فشـ ًا في إدارتهـا‬ ‫عالميّـة (كوفيـد_‪ )19‬التـي عطّلـت ك ّل الجوانـب الحياتيّـة وأثّـرت في مجـال‬
‫وفي مؤسســاتها التعليميّــة‪ ،‬وفي بعــض الأحيــان‪ ،‬يظهــر تع ّســف‬ ‫التعليـم بشـكل ملحـوظ جـ ًدا‪ ،‬حيـث توقّفـت معظـم المـدارس الابتدائ ّيـة‬
‫تمويــ ّي في إدارة مخصصاتهــا المال ّيــة لنظــام التعليــم‪ .‬الأمــر الــذي‬ ‫والإعداديّــة وكثــ ٌر مــن المــدارس الثانويــة‪ ،‬كــا حــدث مــع معظــم‬
‫ينبغــي إعــادة النظــر فيــه وإصلاحــه‪ ،‬قصــ َد الحفــاظ عــى المعرفــة‬ ‫الجامعـات في العـالم بفعـل فُجائيـة الفـروس‪ ،‬في حـن أن سـ َب َب هـذا‬
‫التعطيـل بشـكل كبـر في العديـد مـن مجـالات النشـاط البـر ّي ناتجـ ٌة عن‬
‫والتعلّــم والتعليــم‪.‬‬ ‫تدابـر التباعـد الاجتماعـ ّي التـي فرضتهـا الصحـ ُة العا ّمـة والسـلطات في‬
‫محاولـ ٍة لإبطـاء سرعـة انتقـال الفـروس‪ ،‬فكانـت هـذه الإجـراءات معطِّلـة‬
‫بشـدة أنظمـ َة التعليـم والتعلّـم‪ ،‬حيـث أُغلقـت المـدارس والجامعـات في‬

‫بلـد بعـد بلـد مـا أثـار وعيًـا جديـ ًدا بقـوة التعليـم لتحسـن العـالم‪.‬‬
‫وللتخفيــف مــن فقــدان التعليــم وانفصــال التعلــم‪ ،‬خلقــ ْت المــدارس‬

‫وأنظمـة التعليـم وسـائل بديلـة للحفـاظ عـى الفـرص للطـاب لمواصلـة‬
‫التعلــم عــن بعــد‪ .‬تضمنــت اســتخدام مجموعــ ٍة متن ّوعــة مــن المــوارد‬
‫والتقنيــات مــن الحــزم التعليميــة إلى الراديــو والتلفزيــون إلى التعلــم‬