Page 21 - نشرة زاجل الإلكترونية العدد 45 - كانون الأول/ديسمبر 2020
P. 21

‫‪21‬‬                                                                               ‫العدد ‪ - 45‬كانون الأول‪/‬ديسمبر ‪2020‬‬
                                                                                  ‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬
               ‫أقلام‬

                      ‫الشيء الوحيد الذي يهزمك‬

                                                     ‫دفع الله حسن‬                ‫ويظــن الإنســان أنــه قــوي بمــا يكفــي ليقاتــل‬
                                                                                 ‫ويصـارع‪ ،‬ويشـق طريقـه في الحيـاة بـا هـوادة‪،‬‬
                      ‫	•خريج برنامج ماجستير علم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬         ‫يجتــاز العقبــات والمتاريــس‪ ،‬واحــدة بواحــدة‪،‬‬
                                                                                 ‫يمـر عبرهـا بسـام وأمـان‪ ،‬يضعـف أحيانًـا‪ ،‬تخـور‬
                      ‫في معركــة غــر متكافئــة مــع الحنــن‪ ،‬ذاك‬                ‫قــواه‪ ،‬يترنــح يمنــة ويــرة‪ ،‬ولكنــه في نهايــة‬
                      ‫الشــعور الفطــري العجيــب‪ ،‬فيخــرج معــه في‬
                      ‫رحلــة خطــرة غــر مضمونــة النتائــج‪ ،‬إلى أيــا ٍم‬                                 ‫المطــاف يمــي وينتــر!‬
                      ‫مضـت ولـن تعـود‪ ،‬إلى رائحـة المطـر‪ ،‬والعشـب‬                ‫ونخــوض تحدياتنــا الكبــرة‪ ،‬تلــك التحديــات‬
                      ‫المبتــل‪ ،‬إلى بيــت العائلــة القديــم‪ ،‬أو ربمــا إلى‬      ‫المرهقـة‪ ،‬المتعبـة إلى حـد بعيـد‪ ،‬فيجـد الواحـد‬
                      ‫ذكريــات قديمــة مبعــرة لا يســتطيع تمييزهــا‬             ‫م ّنـا نفسـه مربوطًـا أو متو ّرطًـا فيهـا إلى عنقـه‪،‬‬
                      ‫أو القبــض عليهــا‪ ،‬تــروح وتجــيء في داخلــه‪،‬‬             ‫تـكاد أن تُجهـز عليـه‪ ،‬تلـك النوعيـة مـن التح ّديـات‬
                      ‫تومــض قليــ ًا ثــم تتــاشى‪ ،‬فتأخــذه مــن هنــا‬          ‫التــي لا تحتمــل أي خســارة أو تراجــع‪ ،‬لأن‬
                      ‫إلى هنـاك‪ ،‬فيخـرج عـى إثرهـا باندفـاع ولهفـة‬               ‫الخســارة وإن حدثــت فهــي كفيلــة بــأن تهــدم‬
                      ‫دون أخــذ الحيطــة والحــذر‪ ،‬اللهــم إلا موجــات‬           ‫الكثــر‪ ،‬مــا يتطلــب إعــادة بنــاءه عمــ ًرا كامــ ًا‪،‬‬
                      ‫مـن الاشـتياق‪ ،‬والمشـاعر الجياشـة فينهـزم شر‬               ‫وفي هــذه الحالــة ليــس هنــاك مــن خيــار آخــر‬
                                                                                 ‫سـوى أن نخـوض التحـدي بشـغف‪ ،‬ونركـز عليـه‬
                                                                    ‫هزيمــة‪.‬‬
                      ‫ويبقــى الحنــن هــو الــيء الوحيــد الــذي‬                                                               ‫وننتــر‪.‬‬
                      ‫يهزمنــا دائمًــا وأبــ ًدا‪ ،‬لأن المعركــة معــه غــر‬      ‫كل تحـ ٍّد أو عقبـة حياتيـة‪ ،‬يمكن تجاوزهـا‪ ،‬بالإصرار‬
                      ‫متكافئـة‪ ،‬لا نعـرف مـن أيـن تأتينـا طعناتـه‪ ،‬أو مـن‬        ‫والمحاولـة‪ ،‬والمثابـرة والأمـل‪ ،‬قـد نسـقط مـ ّرة‪،‬‬
                      ‫أيــن نتل ّقــى لكماتــه‪ ،‬يميــل إلى التخ ّفــي أكــر‬      ‫مرتـن‪ ،‬ثـاث‪ ،‬ولكـن في آخـر النفـق دائمًـا هنـاك‬
                      ‫مــن المواجهــة‪ ،‬وإلى الغــدر أكــر مــن الوفــاء‪.‬‬         ‫وميــ ُض ضــو ٍء خافــت لــه طعــم انتصــار صغــر‬
                      ‫في هــذه المعركــة العــدو ذكي ولمّــاح‪ ،‬يختــار‬           ‫ولذيــذ‪ ،‬وفي كل ســاء حالمــة هنــاك نجمــة‬
                      ‫الأماكــن الأكــر تأثــ ًرا فيصيبهــا‪ ،‬يصــ ّوب ســاحه‬     ‫تلــوح في الأفــق لترشــد التائهــن‪ ،‬وتقودهــم‬
                      ‫عــى الدواخــل فيصيــب مــا يصيــب‪ ،‬ويضعفنــا‬              ‫إلى وجهاتهــم‪ ،‬ومحطاتهــم الأخــرة‪ ،‬وفي‬
                      ‫لدرجــة تصبــح الهزيمــة أمامــه انتصــار‪ .‬تخ ّيــل‬        ‫كل متاهــة ندخلهــا هنــاك دائمًــا طريــق ســالكة‬
                      ‫أن تنــازل عــد ًّوا يــراك ولا تــراه أنــت مهــزوم‪ ..‬لا‬
                                                                                                                        ‫للخــروج منهــا‪.‬‬
                                                                      ‫محالــة‪.‬‬   ‫ولكــن‪ ،‬في لحظــة مــا‪ ،‬ودون تخطيــط مســبق‬
                                                                                 ‫أو ســابق إنــذار‪ ،‬يجــد الإنســان نفســه منخرطًــا‬
   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26