Page 23 - نشرة زاجل الإلكترونية - العدد 58 - نيسان / أبريل 2022
P. 23

‫‪23‬‬                                                                                          ‫العدد ‪ - 58‬نيسان ‪ /‬أبريل ‪2022‬‬
                                                                                        ‫‪zajel@dohainstitute.edu.qa‬‬
               ‫أقلام‬

                      ‫دراسة الحالة كمنهجية بحثية‪ :‬المفهوم‪،‬‬
                                   ‫والأهداف‪ ،‬ودواعي الاستخدام‬

                                                   ‫محمد عبد الرزاق حسين‬                 ‫يعتــر ســؤال مــا هــي المنهجيــة الملائمــة للاســتخدام في البحــوث‬
                                                                                        ‫العلميــة مــن أهــم الأســئلة التــي تطــرح في النقاشــات الأكاديميــة‬
                                                               ‫	•برنامج الإدارة العامة‬  ‫بشـكل متواصـل ومتكـرر‪ .‬تُحـدد المنهجيـة المناسـبة للبحـث بنـاء عـى‬

‫يؤكـد أن هـذه المآخـذ مبنيـة عـى الخلـط بـن دراسـة الحالـة كمنهـج‬                                                                                       ‫ثــاث متغــرات‪:‬‬
‫بحثــي وبــن دراســة الحالــة كوســيلة تدريســية‪ .‬كــا يؤكــد الفريــق‬                                                              ‫‪ - 1‬نوعية أسئلة البحث وماهيتها‬
‫الداعـم لأهميـة اسـتخدام دراسـة الحالـة في البحـث العلمـي أن كثـر‬                                          ‫‪ - 2‬مدى تحكم الباحث بالحالات السلوكية التي يدرسها‬
‫مـن هـذه النقـاط التـي تؤخـذ عـى منهجيـة دراسـة الحالـة ‪-‬كالتحيـز‪،‬‬                      ‫‪ - 3‬مــدى التركيــز عــى الظواهــر المعــاصرة في مقابــل الظواهــر‬
‫وعـدم الدقـة‪ ،‬وصعوبـة التعميـم ‪ -‬يمكـن أن نجدهـا بقليـل مـن التمعن‬
‫في بقيـة المنهجيـات العلميـة المسـتخدمة (‪ .)Yin, 2003‬لتـافي هـذه‬                                                                                              ‫التاريخيــة‪.‬‬
‫المآخـذ طـور العديـد مـن الباحثـن مفهـوم التحليـل التتبعـي ‪Process‬‬                      ‫في هــذا المقــال ســيتم الحديــث عــن منهجيــة دراســة الحالــة في‬
‫‪))Tracing‬؛ ســع ًيا لســد الفجــوات التــي تــرز عنــد اســتخدام دراســة‬                ‫محاولــة للتعــرف عــى ســبل اســتخدامها بطريقــة علميــة‪ ،‬إلى جانــب‬
                                                                                        ‫مواضـع اسـتخدامها والأسـباب التـي تدفـع الباحـث إلى اعتـاد هـذه‬
                                                 ‫الحالـة كمنهجيـة للدراسـة‪.‬‬             ‫المنهجيـة‪ ،‬بالإضافـة إلى النقاشـات المتعلقـة بمـدة تعدديـة الحـالات‬
‫في بعــض الأدبيــات‪ ،‬تعتــر دراســة الحالــة مــن أهــم المنهجيــات‬
‫اســتخدا ًما‪ ،‬وأكثرهــا شــيو ًعا في نفــس الوقــت‪ .‬ونجــد أن هــذا‬                                                               ‫المدروســة في هــذه المنهجيــة‪.‬‬
‫الاســتخدام الكثيــف نتــج عنــه دعــوة إلى التفرقــة بــن دراســة الحالــة‬             ‫تتعـد التعاريـف التـي تعـر عـن دراسـة الحالـة؛ نظـراً لاختـاف الباحثـن‬
‫الفرديـة ودراسـة الحـالات المتعـددة؛ واقترحـت تلـك الأدبيـات اسـتخدام‬                   ‫في زوايــا النظــر‪ ،‬وخلفياتهــم الأكاديميــة‪ .‬يــرى ‪ )Punch (2005‬بــأن‬
‫مفهـوم "دراسـة حالـة مقارنـة" للتعريـف بالأخـر وتمييـزه عـن دراسـة‬                      ‫الهــدف مــن دراســة الحالــة هــو فهــم الظواهــر المدروســة بعمــق‬
‫الحالـة الفرديـة‪ ،‬واعتـرت َمكمـن الاختـاف بينهـا في عـدد الظواهـر‬                       ‫في بيئاتهــا الطبيعيــة دون إهــال تعقيداتهــا ومحتواهــا الداخــي‪.‬‬
‫المدروسـة (‪ .)Agranoff & Radin, 1991‬لكـن في الواقـع‪ ،‬يمكننـا القـول‬                     ‫في حــن يعــرف ‪ )Best & Kahn (2006‬دراســة الحالــة عــى أنهــا‬
‫إنـه لا يوجـد فـرق جوهـري بينهـا؛ فمفهـوم دراسـة الحالـة يشـمل‬                          ‫"طريقـة لتنظيـم البيانـات الاجتماعيـة لغـرض عـرض الواقـع الاجتماعي"‪.‬‬
‫دراســة الحالــة الفرديــة والمتعــددة‪ ،‬بــل يتــم التعامــل معهــا عــى‬                ‫ونجـد أن ‪ )Yin (2003‬يركـز في تعريفـه لدراسـة الحالـة عـى الظواهـر‬
‫أنهـا متغيريـن ضمـن نفـس الإطـار المنهجـي كـا يشـر ‪.)Yin (2003‬‬                          ‫المعـاصرة ومـدى تجليهـا في سـياقها الـذي تقـع فيـه‪ ،‬فهـو يعـ ّرف‬
‫يتــم اســتخدام دراســة الحالــة فرديــة عنــد كــون الحالــة المدروســة‬                ‫دراسـة الحالـة عـى أنهـا المنهجيـة التـي "تـدرس الظواهـر المعـاصرة‬
‫فريــدة مــن نوعهــا ولا يمكــن دراســتها بــإزاء حــالات أخــرى‪ ،‬وعنــد‬                ‫ضمــن ســياقها الواقعــي‪ ،‬خصو ًصــا عنــد خفــاء الحــدود بــن الظاهــرة‬
‫كـون الحالـة المدروسـة حالـة حرجـة تحتـاج إلى تعمـق في الدراسـة‪،‬‬                        ‫والسـياق"‪ .‬يفضـل اسـتخدام منهجيـة دراسـة الحالـة عنـد طـرح أسـئلة‬
‫بالإضافــة في حالــة تطابــق الظواهــر المدروســة بشــكل جــذري مــع‬                    ‫الدراســة بصيغتــي "لمــاذا" و"كيــف"‪ ،‬وعنــد ضعــف تحكــم الباحــث‬
‫الحالـة محـل الدراسـة‪ ،‬أو في حالـة رغبـة الباحـث دراسـة حالـة بشـكل‬                     ‫بالظواهـر المدروسـة‪ ،‬وتَأكـد الباحـث مـن أهميـة تأثـر السـياق عـى‬
‫متكــرر عــى ُمــدد زمنيــة مختلفــة‪ .‬في المقابــل‪ ،‬يُنصــح باســتخدام‬                  ‫الظاهـرة محـل الدراسـة‪ .‬وتجـدر الإشـارة إلى أن دراسـة الحالـة ليسـت‬
‫دراسـة حالـة متعـددة عنـد السـعي لدراسـة الطبيعـة العامـة لظاهـرة‬                       ‫وسـيلة لجمـع البيانـات ولا تصميمهـا‪ ،‬بـل هـي منهجيـة بحثيـة شـاملة‪.‬‬
‫معينــة‪ ،‬ويتحتــم عــى الباحــث عنــد اختيــار دراســة حــالات متعــددة؛‬                ‫تُســتخدم دراســة الحالــة في مختلــف العلــوم الاجتماعيــة كعلــم‬
‫توضيــح الرابــط العقــاني بــن هــذه الحــالات المختلفــة‪ ،‬وذكــر أســباب‬              ‫النفــس‪ ،‬وعلــم الاجتــاع‪ ،‬والعلــوم السياســية‪ ،‬وإدارة الأعــال‪،‬‬
‫دراســة هــذه الحــالات م ًعــا؛ هــل لســبب كونهــا تتســق في جوهــر‬                   ‫والاقتصــاد‪ ،‬والتخطيــط المجتمعــي‪ ،‬وغيرهــا مــن العلــوم المختلفــة‪.‬‬
‫الظاهــرة المدروســة والتــي يتــم دراســتها للإجابــة عــى أســئلة‬                     ‫وتهـدف في الأسـاس لمعرفـة التعقيـد المتعلـق بالظواهـر البشريـة‬
‫الدراســة‪ ،‬أم أنهــا ٌتثــل ظواهــر متعاكســة تســعى الدراســة لتبيــن‬                  ‫والاجتماعيـة بشـكل عـام‪ .‬ويمكـن اسـتخدام دراسـة الحالـة في مختلف‬
                                                                                        ‫أنــواع البحــث العمــي الاستكشــافية منهــا‪ ،‬والتفســرية‪ ،‬والوصفيــة‪.‬‬
                                      ‫هــذا التعاكــس والتضــاد (‪.)Yin, 2003‬‬            ‫يُؤخـذ عـى دراسـة الحالـة مـن قبـل كثـر مـن الباحثـن عـدم علميتهـا‬
                                                                                        ‫مقارنــة ببقيــة المنهجيــات العلميــة‪ ،‬إلا أنــه في المقابــل نجــد مــن‬
   18   19   20   21   22   23   24   25   26